abbasbusafwan@gmail.com

الأولويات الأمريكية كما يكشفها السفير الجديد في البحرين أمام الكونجرس

A3A0BA6D-C324-422D-BD1B-562DC38C286D

 

عباس بوصفوان

١٦ يناير ٢٠٢٢

 

الأولويات الأمريكية في البحرين يمكن تلخيصها في التالي، استنادا إلى الورقة التي عرضها السفير الأمريكي الجديد في المنامة، ستيفنبوندي، في الجلسة التي عقدها مجلس الشيوخ، في ٢٥ أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، للموافقة على تعيينه سفيرا

 

القرار بتعيين بوندي سفيرا في الجزيرة الصغيرة صدر من الرئيس جو بايدن، في ابريل/ نيسان الماضي، وأقر من طرف الكونجرس في ١٨من ديسمبر/ كانون أول ٢٠٢١.

 

.  أمن الأسطول الخامس:

 

الأولوية الأمريكيةالعليا، في البحرين، التي تتقدم على ما سواها، تتمثل في ضمانحماية سلامة، وأمن الأمريكيين، العاملين فيالبحرية الأمريكية، والبالغ عددهم “8500 من الأفراد العسكريين وعائلاتهم“.

 

 

علي التذكير بما كتبته مرارا، بأن وزارة الدفاع الأمريكيةالبنتاغون، والجنرالات القابعين في قاعدة الجفير، يقدمون المساهمة الرئيسيةفي صياغة السياسة الأمريكية تجاه الخليج، موطن القواعد الأمريكية، وليس فقط البحرين

 

بناء على ذلك، يعد السفير الأمريكي في البحرين، وأغلب دول الخليج الأخرى، أقل أهمية مقارنة بكبار الضباط في القواعد المنتشرة علىطول الخليج وعرضه، وفي القاعدة الأميركية في المنامة، التي ورثتها واشنطن، في أربعينات القرن الماضي، من الإمبراطورية البريطانيةالآفلة

 

ومؤخرا، لعبت هذه القواعد دورا حاسما في انقاذ واشنطن من تبعات انسحابها المضطرب من أفغانسان.

 

هذا ما يفسر قيام حكومة الجزيرة الصغيرة، التي تعتمد كليا على واشنطن، سياسيا وعسكريا وأمنيا، بطرد دبلوماسي أمريكي رفيع (توممالينوفسكي مساعد وزير الخارجية الأسبق)، في صيف ٢٠١٤. ولا يمكن تصور طرد عسكري، لأن ثمن ذلك سيكون مكلفا.

 

سبق للسفير بوندي ان عمل مستشار سياسيا للجنرال جوزيف فوتيل، الذي تولى لاحقا القيادة المركزية الأمريكية، وهذا ما يسهل مهمةبوندي، بالنظر إلى مركزية الجنرالات في الخليج.

 

.  “التهديداتمن إيران

 

مواجهة التهديدات للأمن الداخلي للمملكة، وخاصة من إيرانتعد أولوية ثانية، تتصل بالأولى (أمن الأسطول)، بحسب السفير بوندي،الذي يجيد التعامل باللغة الفارسية.

 

تقليديا، تدفع المعارضة ثمن الخلاف الأمريكي الإيراني، بالنظر إلى التصنيف السائد غربيا بأن أطرافا رئيسية في القوى البحرينية تناصرخط طهرن.

 

وذلك ليس جديدا، فقد كانت المعارضة في موقع صد هجمات بريطانيا حين كان المد القومي سائدا، في خمسينات القرن الماضي.

 

القوى البحرينية الرئيسية المعارضة لا ترفع، تقليديا، شعارات تدعو لخروج الأمريكيين من البلاد، وقد يكون ذلك مفاجئا لكثيرين، على أمل أنيدفع ذلك واشنطن نحن مقاربة أكثر موضوعية لحاجة البحرين للإصلاح! بيد إن انتقادات المعارضة لسياسات واشنطن في المنطقة أكبر منأن تخفى.

 

ودون شك، فإن اعتبار واشنطن للمعارضين خصما، يعقد من مهمتهم بإقناع الغرب، الحليف الرئيسي للمنامة، بالدفع نحو مسار تصالحيفي الجزيرة الواقعة محاذاة إيران والرياض.

.  تقوية التطبيع

 

 “سأكرس طاقتي وإبداعي لتوسيع وتقوية العلاقة، بين المنامة وكيان الاحتلال، يقول السفير بوندي، الذي ينحدر من عائلة يهودية، تزيد منحماسته لتمتين الاتجاه التطبيعي، الذي يواجه رفضا شعبيا بحرينيا جليا.

 

التطبيع منطقة خلاف حاد بين واشنطن والمعارضة، تدفع الدولة الكبرى، ذات التأثير البالغ في البحرين، والتي تربطها علاقات وثيقة معالسعودية، لإظهار مناصرة للحكومة الأحادية التي يقودها آل خليفة

 

ويدفع التطبيع إلى تكريس انقسام أكثر حدة في البلاد، يزج أكثر بالجزيرة الصغيرة في أتون الصراعات الإقليمية، التي تحاول عبثاتفاديها: الحكومة مع الجانب المناصر للتطبيع بقيادة واشنطن، والمعارضة مع المحور الرافض للتطبيع بقيادة طهران.

 

.  حقوق الانسان

 

تعزيز احترام حقوق الإنسان، والمشاركة السياسية، لا سيما مع اقتراب الانتخابات البرلمانية لعام 2022″، ستكون محل التركيز الأمريكيفي علاقتها الثنائية مع المنامة!

 

بيد ان هذه الأولوية تتلاشى إذا ما تعارضت مع أمن الأسطول، رغم ان الواقع لا يسجل استهدافا للقواعد الأمريكية من قبل القوى الشعبية،كما يجري في بغداد مثلا.

 

معضلة واشنطن في المنامة تتمثل في عدم القدرة على الجمع بين “الضغط من أجل الإصلاح الديمقراطي، والعلاقةوالعسكرية القيمة القويةمع المنامة، كما يلخصها سفير سابق في المنامة، توماس كراجسكي، الذي عومل بخشونة من قبل السلطات، أثناء عمله بين أعوام ٢٠١١٢٠١٤.

 

هذه الجدلية تبدو محل نقاش، بيد ان واشنطن، والبنتاغون تحديدا، تجد تنقاضا ما يحصل بين وجود مؤسسة تشريعية شعبية، ووجودأمريكي عسكري مستدام.

لكن معارضين يحاججون بأن الاستقرار الحقيقي يتحصل عبر التوافق الوطني، وفق النظريات السائدة في الجامعات الغربية، وليس وفقاليد الغليظة، وهو أمر تتناساه واشنطن حين تصل إلى الخليج، الموطن الكبير لاستقبال الأسلحة الأمريكية.    

 

.  التجارة 

 

ستعمل أمريكا على تعزيز علاقتها التجارية بين المنامة، التي عاش فيها بوندي وعائلة نحو ثلاث سنواترائعة، بين ٢٠٠٥٢٠٠٧، حينكان مستشارا للشئون السياسية والاقتصادية في المبنى الذي يعود إليه سفيرا.

وأبرز حدث شهده الرجل حينها كان دخول اتفاقية التجارة الحرة الثنائية حيز التنفيذ في عام 2006، والتي تسبب بخلاف نادر بين المنامةوالرياض.

كما نلاحظ فإن البعد العسكري والأمني يبدو طاغيا في العلاقات الأمريكية البحرينية. 

البعد المعارض يظل محورا لا يمكن لواشنطن غض الطرف عنه، وهذا ما سنتحدث عنه في وقت آخر.

 

يمكن مراجعة مقالاتي السابقة، مثلا:

بايدن بين «البنتاغون» والدبلوماسية.

البنتاغون» يُقيّد السياسة الأميركية تجاه البحرين.

انشر وشارك

مقالات ذات صلة