abbasbusafwan@gmail.com

«الحكومة المُصغَّرة».. قراءاتٌ متباينةٌ في ساحةٍ ملتهبة

منامة بوست (خاص): توقّعت مصادر قريبة من الديوان الملكيّ بأنّ «الحكومة المُصغّرة» التي أمر الملك حمد بن عيسى آل خليفة بتشكيلها داخل الحكومة، أن تكون مؤقّتة وذات أهداف معيّنة ومحدّدة، ستُحلّ بعد تقديم توصياتها ومرئيّاتها للملك، وبحسب المصادر، فإنّ تلك التوصيات ستختصُّ بحلّ المشكلات الماليّة الناجمة عن انخفاض أسعار النفط، لاتخاذ الخطوات اللازمة، والتي منها دمج عددٍ من الوزارات وإلغاء أخرى، وإلغاء عددٍ من الهيئات الحكوميّة لتخفيض الميزانيّة.

وتضيف المصادر، أنّ كلّ ذلك سيكون لإعادة هيكلة أجهزة الدولة بحيث تتناسب مع انخفاض الدخل، ومن المتوقّع أن تُحلّ الحكومة مع انتهاء مهام «الحكومة المُصغّرة» التي يرأسها وليّ العهد، ويتم إصدار تكليفٍ ملكيٍّ جديدٍ للحكومة القادمة، «أو بتكليفٍ مباشرٍ من الملك»، وبعددٍ أقلّ بكثيرٍ من العدد الحاليّ للوزراء، كما أنّ عدد أفراد «الحكومة المُصغّرة» يقلّ عن عشرة أعضاء ، بينها الوزرات السياديّة، كما سيتم خفض عدد الوزارات لتكون أقلّ حقائب وزاريّة في تاريخ البحرين، بالإضافة إلى إلغاء عددٍ من المناصب المهمّة في الحكومة الحاليّة، منها نوّاب رئيس الوزراء، والمستشارين لوليّ العهد ورئيس الوزراء.

مصادر أخرى قالت إنّ استقالة الشيخ حسام من منصبه وقبولها فورًا على ضوء تفتيش مكتبه بأوامر عليا، له علاقة بموضوع «الحكومة المُصغّرة»، بنما رأى عضو اللجنة الماليّة بمجلس النوّاب محمّد الأحمد أنّ هذا الإجراء له دلالات، ونشر على وسائل التواصل الاجتماعيّ أنّ من تلك الدلالات مواجهة البحرين تحدٍ ماليٍّ كبير سيُلزمها باتخاذ تدابير كبرى، للحفاظ على قيمة الدينار البحرينيّ من الهبوط جرّاء ارتفاع سقف الدين العام، الذي وصل إلى سبعة مليار دينار، وسيصل إلى 9 أو 10 خلال عامين، أي أكثر من 60% من الناتج القوميّ، ممّا سيُدخل البحرين تحت الخط الأحمر.

وبحسب الأحمد، فإنّ هذه الخطوة جاءت عقب «تحذيرات واضحة من صندوق النقد الدوليّ إلى البحرين حيث حذّر من تضاعف الدين العام عدّة مرات منذ العام 2008 حتى 2014، ودعا إلى إعطاء أولويّة لتحقيق الانضباط الماليّ وهيكلة الدعم الحكوميّ، وتقليل العجز في الموازنة العامّة والسيطرة على حجم الدَّين العام، وحذّر البحرين من أنّها قد سجّلت أعلى نسب إنفاق على دعم الطاقة عالميًّا، وقال إنّها الخامسة على مستوى العالم».

وقد أوصى صندوق النقد الدوليّ توصيةً واضحةً وهي «إعادة توجيه الدعم بشكلٍ تدريجيٍّ إلى الشرائح ذات الدخل المنخفض من السكّان، والسيطرة على نموّ بنود الإنفاق الجاري الأخرى (فاتورة أجور القطاع العام والسلع والخدمات)».

ويضيف الأحمد، أنّه من المتوقّع إبرام «الحكومة المُصغّرة» سياسات تقشّفية، ولا يُستبعد أن تشمل فرض رسوم إضافيّة في بعض المجالات وتقليص مصروفات أخرى، كما أنّه من الواضح أنّ هناك مؤشّرات حول وجود نيّة قويّة لإعادة معايير علاوة الغلاء والسكن، وهذه الحكومة المُصغّرة هي عبارة عن حكومة أزمة جاءت لتخفيف الضغط على الحكومة الأم، واتخاذ قرارات نيابةً عن الوزراء.

كما أنّ هناك مؤشّرات ودلائل على أنّ الأوضاع الأمنيّة في المنطقة ستستمرّ في عدم الاستقرار، وأنّ سعر برميل النفط سيستمرّ في الهبوط أو يستقرّ على الأسعار الحاليّة من 40 إلى 50 دولارًا للبرميل، وأيضًا محاولة مجابهة الأزمات الاقتصاديّة التي تلوح في الأفق، حيث إنّ العديد من المُحلِّلين الاقتصاديّين يتوقّعون حدوث أزمة اقتصاديّة كبرى تؤثّر على العالم وليس الخليج فحسب.

إلّا أنّ للكاتب عباس بو صفوان قراءةٌ أخرى بشأن الحكومة المُصغّرة، حيث يرى أنّ الملك يوجّه ضربةً قاسيةً لوليّ العهد بتعيينه في واجهة أزمةٍ ماليّة، وسيتم تحميله كلفة إلغاء الدعم والقرارات غير الشعبيّة، ويضيف على صحفته بـ «تويتر» أنّ الملك يزجّ بوليّ عهده بلا برنامج ولا هويّة في القضايا التي لا يكسب منها إلا عداء الشعب، أو عداء الموالين والعسكر، وتساءل: هل يمكن أن تكون هذه خطوة أخرى نحو إزاحة الشيخ خليفة؟ مجيبًا: نعم! لكن من قال أصلًا أن «العم العزيز» موجودٌ كي يُزاح!

وقال: السؤال الرئيسيّ بخصوص وليّ العهد: لماذا إبعاده عن الجيش والعسكر والمنظومة الأمنيّة التي تأكل نصف ميزانيّة الدولة؟

وأضاف: نعرف أنّ الجيوش تحكم في دول الخليج والشرق الأوسط، من يملك الجيش يحظى بالقوّة، وليّ عهد البحرين بلا تأثير في الجيش، والسعوديّة تظلّ اليد الطولى، معلّلًا: ذهب الملك حمد ليأخذ كلمة السرّ من الملك سلمان، وعاد ليُعلن تشكيل حكومة مُصغّرة لن تكون أكثر من ديكورٍ إضافيّ.

واستبعد بو صفوان إمكانيّة أن تؤثر «الحكومة المُصغّرة» في الأزمة الاقتصاديّة التي تعصف بالبلاد، فضلًا عن الأزمة السياسّية، قائلًا: أمّا الأزمة السياسيّة والاقتصاديّة فباقيةٌ ما بقي الملك، السبب الرئيسيّ في تدهور البحرين، فبعد ١٥ سنة من حكمه، البلد منقسمٌ وفي أسوأ أوضاعه.

ورأى بو صفوان أنّ خلاصة هذا الضجيج هو «استجلاب مزيدٍ من المال السعوديّ الكويتيّ الإماراتيّ في حضن الملك، والعائلة الخليفيّة والعسكر».

مؤكّدًا أنّ «ميزانيّات العسكر تضاعفت والمال الخليجيّ السائب ازداد تدفّقًا لجيوب الملك وعسكره، الذين باتت طلباتهم لا تتوقّف من محمّد بن زايد».

فيما رأى الصحافيّ جواد عبد الوهاب أنّ على البحرينيّين أن ﻻ يرفعوا من سقف توقّعاتهم بخصوص ما أعلنته السلطة عزمها تشكيل حكومة مُصغّرة. وكتب مغرِّدًا على صفحته بالفيس بوك، أنّه من الواضح أنّ النظام من خلال هذه الخطوة يحاول الخروج من أزمته، هو وليس إيجاد حلٍّ للأزمة التي تمرّ بها البحرين، وتاريخيًّا فإنّ أيّ تغييراتٍ تُقدِم عليها السلطة فإنّها تصبُّ في مصلحتها، وتجربة الميثاق الخدعة ليست ببعيدةٍ عن الأذهان – بحسب عبدالوهاب.

مضيفًا: بالميثاق استطاع النظام الخروج من أزمته من خلال إرجاع بعض الحقوق التي كان قد سرقها سابقًا، بينما استمرّت ثوابته وسياساته ولكن بطريقة ناعمة. وأنّ الحكومة المُصغّرة ﻻ تعني أنّ هناك تغييرًا سيحدث في داخل العائلة. – بحسب جواد عبد الوهاب- وتوقّع أن تعمل الحكومة المُصغّرة على تحصين وضع العائلة وسيطرتها أكثر وأكثر على مقاليد الأمور في البلد، وأن الكلام عن أنّ مهمّة المُصغّرة إيجاد حلول للأزمة الاقتصاديّة هو تعمية وقفز على الأسباب الحقيقيّة، وإعادة تموضع للعائلة الخليفيّة في مواجهة مطالب الناس. وربط عبد الوهاب موضوع الحكومة المُصغّرة بالحرب على اليمن، فقال: قد يكون من أهداف المُصغّرة الاستعداد لمواجهة تداعيات الهزائم المتوقّعة للتحالف الخليجيّ، والذي بدأت علاماته تلوح في الأفق. وقال: كلّ ما تُفكّر فيه السلطة هو إنقاذ نفسها من عاصفة المتغيّرات التي ستجتاح المنطقة، الناتجة من تدهور أسعار النفط وسقوط هيبة السعوديّة وتقلُّص مناطق نفوذها.

http://www.manamapost.com/news.php?name=2015040008

انشر وشارك

مقالات ذات صلة