abbasbusafwan@gmail.com

الرأي الآخر كما تفهمه إدارتا مؤسسة الشباب والتلفزيون

نشرت الصحافة المحلية خبرا مفاده أن مسئولا كبيرا في المؤسسة العامة للشباب والرياضة «أعرب عن شكره وتقديره للأندية الوطنية التي ستقوم بالمشاركة الفعلية في إنجاح الانتخابات النيابية المقبلة…».

معروف أن بعض الأندية والملتقيات ترغب في ممارسة دورها المتوقع منها في التثقيف السياسي والاجتماعي بما يسهم في دفع المشروع الإصلاحي الذي يقوده ملك البلاد…، لكن مؤسسة الشباب التي ترحب الآن بدور الأندية في إنجاح الانتخابات كما رحبت بالدور ذاته في إنجاح الانتخابات البلدية واستفتاء الميثاق وغيرها من فعاليات وطنية، هي التي رفضت السماح لنادي البحرين في الأسبوع الماضي بعقد ندوة لها اتصال مباشر بالحدث الأبرز الذي تعيشه المملكة حاليا، وسعت قبل ذلك لتأجيل ندوة نادي العروبة التي تحدثت فيها الجمعيات المقاطعة.

المتابعون يعرفون مدى الإعاقات التي تسببها المؤسسة لقطاع الثقافة في الأندية وهو دور مازال مستمرا رغم حاجة الجهات الرسمية إلى إثبات عكس ما يشاع عنها، على الأقل قبيل الانتخابات، وفي ذلك يبدو مسئولو المؤسسة في واد آخر.

ومقدما، يمكن توقع أن تنفي المؤسسة حدوث المنع، لكن الوقائع لا يمكن نكرانها دائما، وكما كان يُكذب حدوث انتهاكات حقوق الإنسان، ويُنكر تفشي الفساد الإداري، فإن هذه الأخبار أصبحت الآن نوعا من الحقائق، يقر بها الجميع.

البعض يعتقد أن المؤسسة فضلا عن تقصيرها في دعم الأندية ماديا ومعنويا، فإنها أيضا تعيق نشاط هذه الأندية، وكأنها وُجدت من أجل ذلك، ويتذرع مسئولوها بـ «التعليمات والقوانين الإدارية»، التي – إن وجدت – فهي ربما تكون متناقضة ونصوص الدستور إذا كانت – بحق – تمنع النقاش السياسي تحت أية دعوى، فضلا عن تناقضها مع طبيعة المرحلة السياسية التي تعيشها المملكة.

تلفزيون البحرين لا يمارس أيضا دوره كتلفزيون للجميع، والإشكال أن بين القائمين على الجهاز الإعلامي للدولة (حكومة، وشعبا)، لا يرون في التلفزيون إلا جهازا حكوميا، وهذا التقدير يحتاج إلى نقاش، ففي الدول الديمقراطية التي تملك أجهزتها الرسمية مرافق إعلامية، وضع التقنين والعرف الذي يحد من سطوة الحكومة على إلغاء الرأي الآخر.

وحديثا، حين قرر تلفزيون البحرين عرض حوارات سياسية بين المترشحين فإنه اختار القناة الأرضية (46) ربما كرسالة ضمنية بأن الرأي الآخر مكانه «الأرض» لا «الفضاء»، لأنه من الاستحالة تفسير هذا الإجراء بالقول ان الانتخابات «ثانوية».

وحدث أن اتصلت إحدى معدات البرامج تأخذ رأيا حول قضية سياسية، فأبدى الضيف رأيا انتقد فيه قانون مباشرة الحقوق السياسية الذي كان يحظر على الجمعيات الفعل السياسي، (رفع الملك الحظر فيما بعد) فاعتذرت المعدة عن عدم إمكان إذاعة التعليق لأنه حديث «معارض».

بعض الجمعيات الأهلية اقتدت بالحكومة. إحدى هذه الجمعيات استمرت طوال شهور في استقبال الوزراء على منصتها، وناقشت قضايا غاية في الحساسية، لكن لم تدعُ، ولا مرة واحدة مسئولا «غير حكومي».

في الواقع يبدو أن المجتمع، حكومة ومؤسسات أهلية، في أول سنة ديمقراطية، فبعض الجمعيات والأندية الثقافية لا تستضيف إلا شخصيات حكومية، وبعضها لا يدعو إلا قوى معارضة.

وبعض القوى الإسلامية لا تستضيف إلا إسلاميين، وبعض الليبراليين لا يستضيفون إلا من وافق رأيهم. ويمارس المتحدثون الانتقاء أيضا فلا يلبي الحكومي إلا دعوات الجهات الرسمية أو شبه الرسمية، وهكذا يفعل الإسلامي وغير الإسلامي.

وحدث مرة أن استضاف أحد الأندية الرياضية رؤساء الجمعيات السياسية، واستثنى واحدا منهم، بدعوى أنه متشدد. وكأن الجمعيات والأندية معنية فقط باستضافة من يعبر عن صوتها، أو يتفق بالضرورة مع نهجها

المصدر: الرأي الآخر كما تفهمه إدارتا مؤسسة الشباب والتلفزيون

انشر وشارك

مقالات ذات صلة