abbasbusafwan@gmail.com

حتى لا تكون معالجتنا للعنف أميركية الطابع

إدانتنا للعنف والتخريب واضحة لا لبس فيها، مهما كانت الأسباب والمبررات، ومهما كانت الدوافع والغايات. سواء كان التخريب على النمط الذي جرى في شارعي المعارض والفاتح ليلة رأس السنة الميلادية، أم تمثل في هجمة السرقات، أو في الحوادث المرورية المميتة التي أخذت أرواحا عزيزة، ليس آخرها الناشط الإسلامي المعروف عبدالحكيم البنكي.

وحديث خبراء الاجتماع والتربية عن أهمية دراسة سباب ودوافع ذلك، لا يعني مطلقا تبرير المنكر.

وكما يحدث دائما في إرجاعنا أسباب «تعاطي المخدرات» أو أية قضية أخرى اجتماعية أو سياسية أوحتى بيئية، إلى خلفيات مركبة، بما في ذلك مناقشة مسألة التخريب والشغب الشبابي – على أي نمط كان وتحت أية لافتة – ليست دعوة تبريرية، وهي على العكس من ذلك دعوة الى ايجاد حل يتجاوز رد الفعل الأولي، الذي قد يكون ارتجاليا، ويتخذ في ضوء الصدمة.

إن الحساسية المفرطة لدينا جميعا مما يسمى «عنفا»، والذي يزيده تاريخ مثقل بالاضطرابات، وينوء كاهله بثقافة اقصائية يمارسها هذا التيار أو ذاك بدرجات متفاوتة، كل ذلك يغذي عند البعض نوازع العودة إلى تقييد الحريات.

واتخاذ قرار بفرض مزيد من القيود علي النشاطات الأهلية – كما تفعل المؤسسة العامة للشباب والرياضة ووزارة العمل – على رغم صعوبته، قد يُتصور انه أسهل من مواجهة المشكلات الاجتماعية التي تفرز المشكلة، إذ قد نظن أن الضمير بات مرتاحا لكون أن جهزةالدولة ومؤسساتها في «كل القطاعات» يقوم بدوره ويعمل «مثل الساعة»، وفقط جهاز الأمن الذي «هُمش» في الفترة الأخيرة لأسباب سياسية هو الذي ينبغي أن تعاد هيبته، ليعود الأمن والسلام، وتنتهي السرقات والتخريب.

وعلى رغم الفارق الكبير – بما لا يجعل مجالا للمقارنة -بين ما يحدث في الشرق الأوسط وفي فلسطين وأفغانستان، وردود الفعل الأميركية ضده، وما حدث ويحدث في شوارع المعارض والبوكوارة والعدلية من أعمال شبيهة بشغب الملاعب، فإن المعالجة على النمط الأميركي ظلت تركز على البعد الأمني، من دون النظر إلى الأسباب والدوافع.

وهكذا بعضنا على الطريقة الأميركية، يمكن أن يصف ما يجري بأنه «ارهاب» من دون أن يسأل لماذا، وكيف؟

المعالجة الأمنية لحوادث المعارض ستزيد الطين بلة، أما المعالجة الاجتماعية فقد تؤدي إلى نتيجة أفضل متى أحسنا التحليل وعالجنا مشكلات الواقع بموضوعية، وذلك يتطلب بعد نظر وأن لا تحتكر وزارة الداخلية متابعة الموضوع، وحضور جلسات الشورى والنواب، وكأن الوزارت الأخرى لا يعنيها الأمر.

وآمل أن تدعو الموسسة التشريعية وزراء آخرين على صلة بأوضاع سوق العمل والمعيشة والاعلام والتعليم..

المصدر: حتى لا تكون معالجتنا للعنف أميركية الطابع

انشر وشارك

مقالات ذات صلة