abbasbusafwan@gmail.com

تداول السلطة: الاتحاد النسائي نموذجا

تبدو بعض الأصوات في اللجنة التحضيرية للاتحاد النسائي قلقة، بل ورافضة، لدخول الجمعيات النسائية ذات الصبغة الإسلامية في عضوية اللجنة. لأن الإسلاميات قد يسيطرن، خلال فترة وجيزة، على إدارة الاتحاد بحكم تفوقهن العددي، ما يعني إزاحة التيار (الليبرالي) ذي الجذور اليسارية من واجهة العمل النسائي، بعد سيطرة امتدت أكثر من أربعة عقود.

هذه إشكالية جدية، وهي مناسبة كي تختبر قوى المجتمع المدني قدرتها على «تداول السلطة»، أبرز مبادئ الديمقراطية، التي نادت بها تيارات المجتمع المدني، وعلى رأسها تيارات نسائية (يسارية وإسلامية) ناضلت كثيرا ودفعت ثمنا غاليا.

الرافضون لفكرة السماح للجمعيات النسائية الإسلامية بدخول اللجنة التحضيرية يمتلكون حججا، لا تختلف في الجوهر عن الحجج التي يروجها أي نظام «عالمثالثي» يسيطر على مقاليد الأمور ويرى في منافسيه «أقل وعيا، وإدراكا، وثقافة».

ويردد الرافضون مقولة صحيحة، تتمثل في أن التيارات الليبرالية قادت النضال طوال عقود للدفاع عن حقوق المرأة، وبالتالي فمن حقها أن تجني ثمار بعض نضالها، وأن تقود الخطى النسائية. وهذه فكرة رددها الضباط الأحرار في مصر، وقادة جبهة التحرير في الجزائر، والأنظمة العربية الأخرى، وقادتنا إلى الهاوية.

إن هذا الجدل، الذي استمر نحو ثلاث سنوات، مناسبة أيضا كي تدرك قوى المجتمع المدني صعوبة أن تتخلى القوى المهيمنة في المجتمع، عن سلطاتها دفعة واحدة، وهي رددت المقولات نفسها التي ترددها بعض النساء حاليا.

الديمقراطية ليست دساتير فقط. فهي قبل ذلك وبعده ثقافة وأعراف وأفعال. وكما تهربت الدولة بطريقة ما من بعض تعهداتها ووعودها، فإن التيارات السياسية والمدنية عموما قد تجد في قرار ما إضرارا بأوضاعها.

ويقال، إن جمعية العمل الديمقراطي ذات الثقل الأكبر في اللجنة التحضيرية للاتحاد النسائي تدعم بقوة وجهة نظر في تشكيل اتحاد العمال، لا يلبي المبادئ الديمقراطية المتعارف عليها، يكون فيه لنقابيين غير منتخبين دور رئيسي في صوغ الرؤى العمالية

المصدر: تداول السلطة: الاتحاد النسائي نموذجا

انشر وشارك

مقالات ذات صلة