abbasbusafwan@gmail.com

لأن الحكومة هكذا… نحتاج إلى معارضة حصيفة

تحتاج الساحة في هذا الوقت تحديدا إلى شخصية قادرة على الحوار مع الناس المحبطين والمهمشين الذين لم يتناقص عددهم (ولن يتناقص على الأرجح في المدى المنظور)، وتقول لهم أي الخيارات أولى بالاتباع وأجدر في ظل التعقيدات التي تواجه التحول من نظام دكتاتوري إلى نظام أكثر انفتاحا.

شخصية قيادية يمكن أن تستجيب الساحة لنداءاتها واقتراحاتها ورؤاها؛ ليصح أن تسمى قائدة فعلا… لأنها تقود الناس، وتحمل معاناتهم، وتشتغل لتحقيقها وفق قراءة موضوعية للأوضاع، لا أن يقودها الناس وفق أجندتهم المستعجلة التي تتناسى طبيعة التحالفات وموازين القوى، والحاجة إلى دعم خطى الإصلاح عبر نقده بنفس غير شعبوي.

شخصية تقول للناس، علنا وبصوت واضح لا لبس فيه، ان استخدام أساليب عنيفة للمطالبة بالحقوق لا يمكن أن يؤدي إلا الى نتائج عكسية، ذلك أن السياسة قد تعني في أحد أبعادها أي الأطراف يفقد صبره أولا، ويخرج عن الأطر المشروعة المطالبة بتصحيح أوضاع لن يسهل تصحيحها أصلا.

شخصية مثل الشيخ عبدالأمير الجمري، الذي قدم في سني الظلام والقمع والقهر عشرات المبادرات، قُبل بعضها ورُفض الآخر، وتم التغاضي عن أخرى. وتنبئ سيرة الجمري بأن وضعه الصحي لو كان مؤاتيا، لكان قدم مبادرات عدة للتغلب على حال المراوحة التي تعيشها البلد، ولن يكتفي بتوجيه النقد إلى من يستحقونه.

ولأن الشيخ الجمري شخصية مختلفة ومبادئة وتحارب الركود، ولا تخشى لوم القريب والبعيد، فقد تمكن من إقناع الناس بالموافقة على ميثاق العمل الوطني، وإقناع حركة أحرار البحرين بسحب كلمة «لا» التي أعلنتها، باعتبار التصويت بـ «نعم» استثمار للحركة المطلبية وتضحياتها، وليس تفريطا في دماء الشهداء ومعاناة الأمهات والأرامل والسجناء.

الساحة مليئة بالمصائب، والتاريخ البعيد والقريب مشبع بالآلام، وصرخة واحدة يمكن أن تستثير العواطف، وتنكأ الجروح، وهذا يتطلب وعيا قياديا لا دلائل واضحة على أنه موجود.

بالتأكيد، إن الحكم مطالب بمراعاة الناس، وتقدير مشكلاتهم. في وقت لا يبدو أنه يرى في التمييز والبطالة والتهميش والفقر… هموما كبيرة تستدعي التدخل العاجل، وهو يدعي أن تفاقم البطالة دونها آليات السوق الاقتصادية، وهذا نصف الحقيقة، أما نصفها الآخر المسكوت عنه فيعود إلى طبيعة التوزيع غير العادل لـ «غنائم» اقتصاد الدول الريعية التي تستأثر بها قطاعات من دون أخرى، ويوزّع على فئات من دون أخرى، ما يزيد من تفاقم المشكل النفسي قبل الاقتصادي.

الصيغة الحالية ترضي الحكم، وتصريحات المسئولين دليل على ذلك، وهذا يستلزم من المعارضة مزيدا من الحصافة والشجاعة وضبط النفس وهدوء الأعصاب والنظر إلى المشكل من زواياه الكبرى لا تعقيداته الصغرى… لأنه لو كانت الحكومة تشعر بألم الناس لما كانت الحاجة ملحة إلى معارضة حصيفة

المصدر: لأن الحكومة هكذا… نحتاج إلى معارضة حصيفة

انشر وشارك

مقالات ذات صلة