abbasbusafwan@gmail.com

عدوى الإفلاس

نجحت الحكومة في «ضبط» أداء مجلس النواب، وحجّمت مستوى تعاطيه مع نتائج تقرير لجنة التحقيق في إفلاس هيئتي التقاعد والتأمينات. حين تمكنت، عبر التيار المناصر لها في المجلس المنتخب وقواه المحافظة، من إقناع لجنة التحقيق وجميع النواب بعدم الإدلاء بتصريحات علنية عن التقرير، إلى حين انعقاد جلسة النواب الاستثنائية في 10 يناير/ كانون الثاني المقبل. وغني عن القول انه لا يمكن للنواب مجاراة الحكومة في اللعب تحت الطاولة، فهذه لعبتها، وترحب ترحيبا حارا بها، وهي وضعت الآن القطار على سكة قد تنتهي إلى (لفلفة المسألة). الإشكال أن قرار الصمت، إضافة إلى العتاب الذي وجه إلى رئيس لجنة التحقيق فريد غازي من بعض أعضاء اللجنة نفسها، ومن شخصيات فاعلة في المجلس، اتخذ على خلفية استنكار مصدر حكومي تصريحات غازي التي نشرتها صحيفة «الوسط» الأسبوع الماضي. وكأن النواب إدارة حكومية تستجيب لتوجيهات الجهات التنفيذية. لقد ألزم النواب أنفسهم بالسكوت أكثر من عشرة أيام، ضاربين عرض الحائط بالأعراف البرلمانية في استقلالية الرأي، وبناخبيهم الذين هم أصحاب الأموال في الهيئتين، ومن حقهم معرفة ما حدث طوال ثلاثين سنة في هاتين المؤسستين اللتين يبلغ حجم الأموال التي تديرانها قرابة ملياري دينار، أي ثلاثة أضعاف موازنة البحرين السنوية.

وإذا كان للنواب شي من احق لأن يتعذروا بقانون المجلسين الذي يمنع محاسبة الحكومة عن ما ألحقته بالبلد من أذى قبل أن ينعقد البرلمان، فلا عذر لهم في عدم إجراء مساءلة سياسية علنية. إن ما حدث كان متوقعا، ويمكن القول إن دور اللجنة انتهى منذ صرح غازي بأهم محتويات التقرير، ويظل الأمل معقودا على إجراء محاكمة شعبية للممارسات الحكومية. وفي هذا، فإن الحاجة للمعارضة تبدو ماسة، لكن المعارضة، ترقص الآن فرحا على النواب، آملة أن يتحول نصرهم في إنجاز التقرير إلى خسارة، وهذا محتمل، لكن المحتمل أيضا أن تتهم المعارضة بعدم الاكتراث بالمال العام.

الإفلاس عدوى أخشى أنه انتقل من الهيئتين إلى الحكومة والنواب والمعارضة

المصدر: عدوى الإفلاس

انشر وشارك

مقالات ذات صلة