abbasbusafwan@gmail.com

لم تبق إلا السماء

ستبقى المشكلة الإسكانية إحدى أهم المعضلات التي تواجهها الدولة، الملزمة بموجب الدستور توفير سكن مناسب للمواطنين من ذوي الدخل المحدود، إذ توجب الفقرة (و) من المادة (9) أن «تعمل الدولة على توفير السكن لذوي الدخل المحدود من المواطنين». الملاحظ أن ذوي الدخل المحدود غير معرفين في القانون، على رغم مضي أكثر من أربعين عاما على إنشاء البيروقراطية الحكومية، ويؤمل أن يتم ذلك إذا أقرت الحكومة الاستراتيجية الإسكانية، التي طال انتظارها، والتي اقترحها وزير الإسكان فهمي الجودر قبل أشهر عدة. وعلى العكس من نصوص الدستور، فإن المستفيدين من خدمات الإسكان، وخصوصا الأراضي، ليسوا من ذوي الدخل المحدود، ويجدر أن يشتغل النواب في تقصي الحقائق على هذا الصعيد، إذ سيكتشفون أن المسألة مقلوبة.

إلى ذلك، فإنه في ظل النوايا الطيبة التي أعلنتها الحكومة لحل المشكلة عبر بناء مدن جديدة، زادت أسعار الأراضي بشكل ملفت، ما يزيد من الصعوبات أمام الناس ووزارة الإسكان التي ستزداد الطوابير أمامها أكثر وأكثر. في فترة من الفترات وُزعت الأراضي بمساحات شاسعة، على أشخاص بعينهم، ووصل حجم الأراضي المملوكة إلى أكثر من 95 في المئة، وعلق أحد السماسرة قائلا: «لم تبق إلا السماء لم تخطط».

وهذا صحيح، ذلك أن المنطقة الجنوبية التي تشكل نحو نصف مساحة البحرين لا يمكن للناس أن يعمروا فيها، وإذا أضفنا الجزر التي لا يمكن الوصول إليها، والمسجل بعضها ملكا خاصا، يمكن القول حينها إن السماء تم تخطيطها وتوزيعها فعلا.

الجهود المشكورة التي تبذل الآن من طرف وزارة الإسكان لن تحل المشكلة. ذلك أن المشكلة مرتبطة أساسا بمفهوم الملكية العامة. فهل يجوز أن توضع اليد على الأراضي هكذا، أو توزع على أشخاص نافذين، يبيعونها على المواطنين بأسعار خيالية.

مرة قال أحد قاطني المحرق: سنشتري مكنة لدفن البحر وتهيئتها للبناء، بدل أن نشتري الأرض الواحدة بأكثر من 25 ألف دينار. لكن لم يسمح لهم، لأن ذلك سيحول دون إثراء من يراد إثراؤهم

المصدر: لم تبق إلا السماء

انشر وشارك

مقالات ذات صلة