abbasbusafwan@gmail.com

وزراء متناقضون ونواب صامتون

نشرت الصحف المحلية أن وزير العمل والشئون الاجتماعية مجيد العلوي تسلم «عريضة» وقعها نحو 286 مخلّصا جمركيا تطالب الحكومة بالتدخل لحل مشكل منافسة الأجانب للبحرينيين في مهنة التخليص، ونقلا عن أمين سر جمعية المخلّصين فإن العلوي وعد بالعمل على حل معاناة المخلّصين عبر التواصل مع الجهات الرسمية الأخرى.

يأتي ذلك، في ظل تصريح مباشر أطلقه وزير العمل بحل مجالس إدارات الجمعيات الأربع وسحب تراخيصها إذا حشدت للتوقيع على عريضة تتضمن اسماء غير أعضاء في الجمعيات التي تتبنى العريضة.

أي تناقض هذا؟ وأي انسجام مع النفس عبّر عنه العلوي؟ وأي روح إصلاحية هذه التي تفسر المواد الدستورية تفسيرا احاديا، استنادا على رؤى قانونيين يخشى أن يكون أشبه بـ «الخياطين»؟ وأي موقف حكيم بعيد عن التشنج هذا الذي يهدد بالعقوبات القصوى استنادا على قانون ينتمي إلى عهد ماضي ليس له علاقة بالاصلاح؟

بدلا من أن يكون العلوي في صف الداعين إلى الحوار، بسبب خلفيته التي نعرفها، تراه أكثر شدة على الناس وأصحاب الرأي الآخر من جهات أخرى قد يتوقع منها صدور تصريحات متشددة وغير مسئولة ولا تساهم إلا في زيادة التوتر. إن التعاطي مع الأمور على منوال صب الزيت على النار، لا يمكن ان يخمد الشرر أبدا.

في الواقع، يمكن القول أن حديث العلوي هو اجتهاد عضو في السلطة التنفيذية، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر الحكومة، لأن المعطيات لا تفيد بأن هذا الموضوع نوقش في مجلس الوزراء واتخذ فيه قرار ما. خصوصا حين نعلم أن لا استراتيجية حكومية تضبط خطاب الوزراء، ويمكن التذكير بموقفي الوزيرين محمد المطوع ونبيل الحمر في فترة الانتخابات النيابية، فبينما اعتبر الأول المقاطعة حق ديمقراطي، اعتبرها الثاني ذلك خروج عن أسس المعارضة.

ربما كُلف العلوي إيصال رسالة استياء إلى المعارضة بشأن عريضة المقاطعين وغيرها من الفعاليات التي ترى فيها الحكومة تحشيدا، لكن أخشى أن العلوي تصرف كما يتصرف البعض حين يكلف بزجر سجين، فتراه يوقع الأذى الجسدي والنفسي بالسجين معتبرا ذلك تنفيذا أكثر صرامة للتعليمات. وطالما تبرأ المسئولون بمن فيهم العلوي نفسه من تصرفات مسئولين أصغر، وأذكّر العلوي هنا بقوله إنه لا يعلم عن تجديد عقود نحو 40 أجنبيا في معهد البحرين التدريب، وعن بيع عقار وغيره في هيئة التأمينات الاجتماعية التي يرأس مجلس إدراتها، كما قال في شهادته أمام لجنة التحقيق البرلمانية.

من جهة أخرى، لم يدلِ النواب وأعضاء مجلس الشورى بتصريحات منددة بالتلويح بإغلاق الجمعيات، وبنشر اسم متهم في قضية أخلاقية لم يبت فيها القضاء بعد. ومثل هذا السكوت يذكر بالسكوت المطبق في قضية منع بحرينيين من دخول الكويت، ومنع كويتيين من دخول البحرين، في حين كان زميلهم الكويتي أحمد السعدون أكثر مسئولية ووعيا، على الرغم من الاختلاف او الاتفاق مع المقاطعين وأساليبهم.

إن صدقية المجلسين تتضرر كثيرا حين يختاران الصمت. والأمل كان في أن يتحدث الجميع، بما فيهم النائب حمد المهندي الذي قدم اقتراحا بقانون يجرم نشر أسماء وصور المتهمين، وأن يعلو صوت الجمعيات السياسية: «الأصالة»، «المنبر الإسلامي»، «الميثاق»، «المنتدى» والتجمع الوطني» وغيرها، وكذلك أصوات الكتل النيابية المستقلة منددة بأية تصريحات ومواقف تعيدنا إلى الوراء.

في قضية الحريات – كما هو الحال في القضايا المتعلقة بسمعة البلد وهيبة الدولة – يجب ان تتحد المواقف وتنسى الخصومة السياسية، لأن تقييد حرية الآخر يعني تقييد حرية الجميع مستقبلا

المصدر: وزراء متناقضون ونواب صامتون

انشر وشارك

مقالات ذات صلة