abbasbusafwan@gmail.com

هل يكون الإسكان سبب الانتفاضة المقبلة؟

على رغم أن وزارة الأشغال والإسكان، بقيادتها الشابة والمؤهلة، تبذل جهودا طيبة تستحق الشكر لعلاج إشكالية السكن المستفحلة، إذ أعلنت خلال الشهور الماضية عزمها تنفيذ أكثر من مشروع، فإن المشكلة تبدو أكثر عمقا، وترتبط بعدم توافر الأراضي لإقامة مشروعات إسكانية عليها. وأعلن وزير الإسكان فهمي الجودر غير مرة أن توافر الأرض والمال سيحلان المشكلة، وهذا قول صحيح، لكنه لا يضيف شيئا، فهو يفسر الماء بعد الجهد بالماء، فلو توافر هذان الأمران لما أصبحت هنالك مشكلة عميقة. والسؤال هل يمكن توفير هذين الشيئين؟

يبدو الجودر بقوله السابق يلقي العبء على الحكومة التي أضاعت الأرض وبددتها، إذ تم تسجيل نحو 95 في المئة من الأراضي إلى الملكية الخاصة، فضلا عن السيطرة على السواحل والجزر والبحر أيضا. وإذ كانت قلة الأموال يمكن إيجاد حلول لها من خلال الاقتراض، الذي هو دين في رقبة الناس أساسا، وسيكلف الأجيال المقبلة غاليا، فإن إشكالية الأرض لن تجد لها حلا إلا بنظرة أكثر عدالة لمفهوم الملكية، وأكثر إدراكا لخطورة المشكلة. المسألة جدية فعلا. وإذا كانت الحركة المطلبية في التسعينات أشعلها العاطلون عن العمل، فإن الثورة المقبلة قد يشعلها أبناء الطبقة الوسطى، مثل المهندسين والأطباء والمعلمين والمحاسبين… الذين لن يتمكنوا بالتأكيد من بناء بيت لهم إذا استمر ارتفاع الأسعار بالوتيرة نفسها. وظهرت بوادر هذه الانتفاضة قبل أشهر في الاحتجاجات على التوزيعات التي نُظمت أمام وزارة الإسكان، ولم تخل من عنف. ومن دون شك فإن أصحاب الدخل المحدود الذين تزداد أعدادهم باطراد، أكثر قساوة. ويزداد إحساس هؤلاء بالضيم حين يلاحظون أن آخرين يملكون عشرات الفلل، أخذوها بـ «الفهلوة»… لا مناص من أن تعترف الدولة بأن إشكالية حادة قد تفجر الوضع إذا لم تشتغل على حلها من دون تأخير

العدد 657 – الخميس 24 يونيو 2004م الموافق 06 جمادى الأولى 1425هـ

المصدر: هل يكون الإسكان سبب الانتفاضة المقبلة؟

انشر وشارك

مقالات ذات صلة