abbasbusafwan@gmail.com

تقنين القضم لـ «الكعكة الوطنية»

إذاً الكلام عن الفساد المالي والإداري ليس مجرد تخمينات، إنه حقيقة في أكثر من مؤسسة رسمية، وليس مؤسستا «التقاعد» و«التأمينات»، التي تشاطر النواب في الحديث عنهما طوال عام، إلا نموذجين توافقت ظروف للكشف عن أوضاعهما السيئة، بل وتبلغ درجة «المؤامرة» هنا إلى أن تكون للمؤسسة الرسمية يد في الكشف عن ذلك، لأهداف ما! بيد أن هذا الأسلوب «المؤامراتي» في التحليل لا يبدو مقنعا، حتى مع اليقين، وليس الشك فحسب، بأن أحداً من المتهمين بالفساد لن يتضرر (راجع تواريخ المفسدين ومستقبلهم)، ذلك أن تيارا داخل الجهاز الرسمي بات يؤمن بأن في الشفافية خير للبلد وأبنائه، ويسمح بتقنين من يقضم، وحجم ما يقضم، وليس إتاحته لكل من هب ودب، خصوصا في ضوء تناقص «الكعكة الوطنية»، بعد ثلاثين سنة من «القضم» بلا ضوابط شرعية أو أخلاقية، وفي ظل تنظير، لا يخلو من صحة، مفاده أن الشفافية لا تمنع الفساد أبدا، وإنما تسيطر عليه، فبقدر ما تضع قوانين للحد منه، يبتكر الضالعون فيه حيلا جديدة للإفساد. (بمراجعة الأدبيات عن الفساد، فإنها لا تتحدث عن «القضاء» عليه، وإنما «احتوائه») ومن هذا المنطلق يأتي تقرير ديوان الرقابة المالية الصادر حديثا، والذي تناولت الصحف بعض ما ورد فيه، لتأكيد ذات المنحى: رغبة أولى في إصلاح أوضاع ليس من السهولة إصلاحها، ولن تتحقق إلا بقرار سياسي تتبعه إدارة حاسمة في التنفيذ… إن قول ذلك يبدو مهماً، حتى لا نضيع بأن الهدف سيكون القضاء على الفساد وبتر أصابعه، لنصاب بالاحباط بعد حين لأن ذلك لم يتحقق، فذلك أمر غير مستهدف في الأساس، وحتى لو استهدف فإنه غير قابل للتحقيق مئة بالمئة… المشكلة أن هذا الخطاب الصحيح، ربما، يستغل لمزيد من القضم غير المشروع، وللتيئيس من محاربته

العدد 807 – الأحد 21 نوفمبر 2004م الموافق 08 شوال 1425هـ

المصدر: تقنين القضم لـ «الكعكة الوطنية»

انشر وشارك

مقالات ذات صلة