abbasbusafwan@gmail.com

فيما خص فعل الحكومة ورد المعارضة

يوم الحكومة طويل، إنه “قريب بدو”، كما يقولون، ويمكن أن ينتظر طويلا ريثما “تتهيأ الظروف”، لتغييرات حكومية أكثر “راديكالية”، أو أكثر استجابة “للتطلعات”، إن شئتم، وعلى الناس أن يكونوا أكثر إدراكا لطبيعة “السيستم” القائم، الطويل البال، الذي يزداد طول باله، موضوعيا، بطبيعة التغيرات السياسية والاقتصادية التي هي بطيئة في الأساس، وتعوقها طبيعة الوضع الضاغط إقليميا.

ما يميز السلطات، قدرتها على المبادرة، لأسباب عدة، ترتبط اساسا بمكامن القوة، ولكن أيضا بسبب عدم “تأدلج” السلطات، و”براغماتيتها” إلى حد يشعر المتابع، أحيانا، بأنها متناقضة. وهو أمر لا يبدو صائبا، وربما على المعارضة أن تتعلم من قدرة الحكومة على التحرك، فذلك فيه إيجابية كبيرة، من دون أن يعني ذلك، طبعا، التخلي عما يسمى هنا “مبادئ”، وإن كنت أخشى استخدام هكذا مصطلحات أحيانا، في ظل الخلط ببين “المبدئي” و”التكتيكي” في خطابات سائدة.

حين احتاجت السلطات لنقد تاريخ طويل ومرير من التصرفات غير القانونية، وإلغاء قوانين دافعت عنها طويلا، فعلت… محاولة توجيه ذلك على أنه مرحلة جديدة، سرعان ما جعلت الناس، بل وقيادات كثيرة، يتوقعون بأن أمرا كبيرا على وشك الحصول في البلد. فيما كانت الخطط الواقعية عند قياديي الإصلاح، أكثر وضوحا، وتقوم على التوفيق بين نوازع شتى، الأخذ بأحدها وتجاهل الأخرى قد يقود إلى عدم استقرار جديد، لا يمكن تحمل تبعاته.

الطاقم الحكومي كان أكثر من المعارضة قدرة على التكيف مع الحوادث المستجدة، وهو الأمر الذي كان واضحا في التغيير الوزاري الأخير، بخروج وزراء محافظين، بما فيهم وزير الإعلام السابق الذي يمكن عده محافظا لا إصلاحيا، ضمن الطاقم الإصلاحي، الذي تتنازعه أيضا رؤى متباينة بما يستوجب عمله.

رمت المعارضة الطاقم الإصلاحي بـ “الطوب” عن أول خلاف بينهما، وبدا الافتراق جليا بعيد إصدار دستور جديد، غلب تحفظات الحكم على تطلعات المعارضة، كما هو “منطقي” في السياسة، فيما الخطأ الأكبر الذي ارتكبته المعارضة، هو تصورها عكس ذلك، وبقاؤها مكتوفة اليدين من دون حراك… سلوك المعارضة مرتبط أساسا برد الفعل سيبقى هكذا على الأرجح، وهو تكرر أخيرا في التعليقات على التدوير الوزراي، حين صدرت البيانات بعد التعديل لا قبله، ما يجعلها غير ذات جدوى في القرار، وأقرب إلى “الصراخ”.

لنا أن نتصور سلوك الحكومة مع المطالب الدستورية، فمن المرجح أن السلطات سترفض “عض الأصابع” المطالبة بتغييرات دستورية “الآن وحالا”، في ظل رفض “التحالف الرباعي” للتحاور، يشرك فيها الطيف الوطني، وما أضاع فرصة يمكن أن توصف بالتاريخية، في مايو/ أيار الماضي، حين بارك جلالة الملك الحوار الذي دعت إليه صحيفة “الوسط”، وأجهضه التحالف برفضه إشراك الجميع فيه، ما جعل الملك يحيل الملف إلى الوزير مجيد العلوي، لقتله على الطريقة الحكومية المعروفة.

المؤتمر الدستوري على الأبواب، ونقل عن رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر عزيز أبل ان جدول أعماله يتضمن تشكيل مؤتمر وطني يشرك فيه الجميع، وهي خطوة موفقة، وإن جاءت متأخرة، وكما قال أحد القياديين في المعارضة مرة، إن الطاقم المحافظ في المعارضة، يقبل بالفكرة بعد خمسة أشهر من قبول الطاقم الإصلاحي لها

العدد 866 – الأربعاء 19 يناير 2005م الموافق 08 ذي الحجة 1425هـ

المصدر: فيما خص فعل الحكومة ورد المعارضة

انشر وشارك

مقالات ذات صلة