abbasbusafwan@gmail.com

“الإسلامي الأعلى” مدخل للمشاركة في المؤسسة التشريعية

وإذ يرفض الديوان الملكي استقبال رؤساء الجمعيات السياسية الأربع المقاطعة، وتسلم العريضة الدستورية، باليد أو عبر البريد. ..، يلتقي وزير الديوان الملكي الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة، بعد عدة أيام من ذلك، عددا من النواب، ويبلغهم بأن رئيس المجلس العلمائي الشيخ عيسى قاسم، ورئيس جمعية الوفاق الوطني الإسلامية الشيخ علي سلمان، التقياه أخيرا، ووافقا على أن يرفعا تحفظاتهما على المجلس الإسلامي الأعلى، على أن يتم إجراء عدد من التعديلات على قانون المجلس، بما يتوافق ورؤى القيادة الدينية الشيعية.

وحث الشيخ خالد النواب على الإسراع في إجراء التعديلات كي يدخل التيار الرئيسي من الجسم الشيعي في المجلس الرسمي، الذي شكل إبان التسعينات، واعتبر حينها مخلا بالخصوصيات المذهبية، ما وجه له ضربة حالت دون أن يمارس أدواره “كافة” التي أنشئ من أجلها.

وبحسب الأخبار، فإن الحديث بين وزير الديوان والنواب دار أيضا بشأن قانون الأوقاف، في ظل تحفظات معروفة من طرف القيادات الدينية الشيعية على طبيعة إدارة الأوقاف الجعفرية الراهنة، وهي تطالب بنوع من الوصاية على الوقف الذي أدير طوال سنوات مضت بصور مخلة، كما أثبتت الوقائع الأخيرة، وإن كانت إدارة العلماء المحسوبين تقليديا على المعارضة للأوقاف، مثل الشيخ قاسم، للأوقاف، إن تحققت وعلى الأرجح ألا تتم، لا يتوقع أن تأتي أكلها، خصوصا إذا أتبعت إدارة تقليدية، تنظر إلى الوقف، كما تنظر إلى الحوزة الدينية، شأنا يديره رجال الدين، لا المحترفون في الشأن الاقتصادي والتربوي.

الدلالات السياسية للقاء بين الوزير والنواب أكبر من أن تخطئها العين، إن لجهة التوقيت، أو لجهة المضمون. اللقاء تم قبل أيام من انعقاد المؤتمر الدستوري الذي سينطلق الخميس المقبل، ما يعني صب ماء بارد على المؤتمر الذي لا يتوقع أن يأتي بجديد، في ظل شعور عدد من القائمين عليه بأنه أصبح حدثا للتعبئة في وقت يحتاج فيه المشهد السياسي إلى مزيد من العقل، خصوصا بعد فشل سياسة المقاطعة، ولا يهم هنا كثيرا إن كان الفشل لخيار المقاطعة في أصله، أم في تطبيقاته العملية.

بيد أن مضمون اللقاء مع النواب هو الأهم: السلطات تلعب في مساحة تبعدها عن المسألة الدستورية من ناحية، عبر الحديث عن المجلس الإسلامي الأعلى، وهي تفضل أن تقدم تنازلات على هذا الصعيد، على أن تقوم بتغييرات دستورية، وهي التي دخلت فيها مع المعارضة في مرحلة “كسر عظم”.

وكانت السلطات ترفض إجراء تغييرات على القانون المنظم للمجلس الإسلامي الأعلى، بيد أن المرحلة اختلفت الآن، ولم يعد تقديم تنازل في ذلك يعني “رضوخا” بالضرورة، بقدر ما يعني قدرة مبهرة على اختيار الأولويات.

السبب الآخر في تعاطي الديوان مع الملف المذكور، هو الابتعاد عن الحوار مع الجمعيات الأربع المتشددة في موقفها الدستوري، المعلن على الأقل… وذلك عبر مخاطبة السلطات للقيادات الدينية الشيعية المؤثرة، والتي يشغلها البعد الديني أكثر مما يشغلها البعد السياسي، والتي تقاطع عمليا المؤسسات الدينية الرسمية، مثل المعهد الجعفري والقضاء، الذي تسيطر عليه جماعات قريبة من السلطة، تعززت بفعل استقالة الشيخ عبدالحسين العريبي والأكاديمي علي العريبي، بفعل ضغوط من الجماعات المحافظة داخل القضاء أكثر منه ضغوط السلطة، أو عدم تعاطيها مع مطالب العريبيين الإصلاحية. لذلك يتوقع أن تأخذ السلطة بالاعتبار رأي هذا التيار المحسوب على الشيخ سليمان المدني “رحمه الله” في أية تعديلات، وأن تقدم له ضمانات بألا تخل أية معادلات جديدة بين السلطة والتيار الرئيسي الشيعي بمكتسباته كحليف استراتيجي للنظام.

القيادة الدينية الشيعية الرئيسية المتمثلة في الشيخ عيسى قاسم تعطي الملفات الدينية “ملف الأحوال الشخصية، والأوقاف، والمجلس الإسلامي الأعلى…” الأهمية القصوى. وهي لم تعلن موقفا مقاطعا للانتخابات النيابية الماضية، بل أعلنت قبل أشهر أنها كانت مع المشاركة في المؤسسة التشريعية، لكنها فضلت الصمت لأسباب لم تفصح عنها، وهي لعبت دورا في ضبط العريضة الدستورية وتحويلها إلى عريضة للجمعيات، لا عريضة شعبية، وأحد السيناريوهات المتاحة من حواراتها مع السلطة، هو زحزحة الملفات الدينية التي تؤرق هذه القيادة، بما يشجعها على تبني موقف المشاركة في الانتخابات النيابية المقبلة، وهو موقفها على أية حال، كما يرجح القريبون منها.

الأرجح أن يتعزز هذا السيناريو، مع اتخاذ جمعية “الوفاق” قرارا يقضي بحصر القرار بشأن المسألة الدستورية والمشاركة والمقاطعة داخل أطرها، لا داخل أطر التحالف الرباعي، كما ينادي بذلك عدد من قياديي جمعية العمل الديمقراطي، التي بات أغلب أعضاء مجلس إدارتها مع خيار المشاركة أصلا، والجميع ينتظر الطريقة الأسلم لإعلان ذلك، وربما يكون الشيخ عيسى قاسم هو المتكأ، للخروج من عنق الزجاجة، والحفاظ على ماء وجه الجمعيات

العدد 884 – الأحد 06 فبراير 2005م الموافق 26 ذي الحجة 1425هـ

المصدر: “الإسلامي الأعلى” مدخل للمشاركة في المؤسسة التشريعية

انشر وشارك

مقالات ذات صلة