abbasbusafwan@gmail.com

حق البرلمان في الرقابة على “ألبا”

قول وزير شئون مجلس الوزراء عبدالحسين ميرزا إن شركة “ألبا” لا تخضع لرقابة مجلس النواب، كونها خاضعة لقانون الشركات التجارية، يحتاج إلى مناقشة من عدة جوانب.

يبدو لي أن الاشكال الأكبر هو “عدم اعتراف” الحكومة وكذا مجلس النواب بالمادة “50” من الدستور، والتي تنص في فقرتها “أ”: “ينظم القانون المؤسسات العامة وهيئات الإدارة البلدية بما يكفل لها الاستقلال في ظل توجيه الدولة ورقابتها، وبما يكفل لهيئات الإدارة البلدية إدارة المرافق ذات الطابع المحلي التي تدخل في نطاقها والرقابة عليها”، وفي فقرتها “ب”، على أن “توجه الدولة المؤسسات ذات النفع العام بما يتفق والسياسة العامة للدولة ومصلحة المواطنين”.

النواب يبدون متفقين، تماما، مع الحكومة في تجاهل المادة المذكورة، ويظلون يلتزمون بما تقوله الحكومة من أن المؤسسات والهيئات التي لا يرأسها وزير لا تخضع لرقابة المؤسسة التشريعية. لذلك هم يتجاهلون، إلا فيما ندر، ما يحدث في جامعة البحرين، ديوان الخدمة المدنية، مركز البحرين للدراسات والبحوث، دائرة الشئون القانونية، الجهاز المركزي للمعلومات، نادي الفروسية وسباق الخيل، الهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية، مجلس التنمية الاقتصادية، جهاز المساحة والتسجيل العقاري، مؤسستي الأوقاف، البلديات… بدعوى أن المادة “66/أ” من الدستور تنص أن “كل وزير مسئول لدى مجلس النواب عن أعمال وزارته”، ولما كانت هذه الهيئات لا تتبع وزيرا، فكيف يمكن سؤالها ومراقبة أعمالها؟

قراءة النواب غير الدقيقة للمادة المذكورة، ولمفهوم الرقابة على الجهاز الحكومي، الذي يفترض أنه يتجاوز الوزارات، وليس فقط المؤسسات العامة والهيئات، تستغلها الحكومة وهذا مفهوم لحصر رقابة المجلس المنتخب في أضيق الحدود، في محاولة لخلق أعراف تحيل المنتخبين إلى أشباه نواب.

وبالعودة إلى شركة ألبا، كنموذج للشركات والمؤسسات العامة، والتي تلقى دعما حكوميا مباشرا، من خلال إقرار موازنتها ضمن بنود الموازنة العامة للدولة، كما تلقى دعما استثنائيا عبر بيعها الغاز الطبيعي بـنحو 75 سنتا، في حين أنه يباع في الولايات المتحدة الأميركية بنحو 8 دولارات، وتستورد كل من كوريا واليابان من قطر أو من الإمارات العربية المتحدة بسعر يفوق 4 دولارات.

وبالمناسبة، فإن هذا كلام أحد أعمدة الحكومة في مجلس النواب رئيس المجلس خليفة الظهرني، الذي دعا، إبان مناقشة الموازنة 2003/ 2004 في ابريل/ نيسان ،2003 الحكومة إلى “المبادرة وعلى وجه السرعة لإعادة النظر بالنسبة إلى أسعار الغاز، هذه الثروة الناضبة”. ورد عليه وزير المالية السابق عبدالله سيف قائلا إن “الحكومة تملك في شركة ألبا ما يقرب من “77 في المئة”، فبالتالي إن كان السعر 70 أو 100 سنت فسيدخل في خزينة الدولة”.

إن “البا” ترفد الاقتصاد الوطني بنحو 8 في المئة من إجمالي الناتج المحلي الاجمالي، سيرتفع إلى نحو 11 في المئة بعد الانتهاء من الخط الخامس منتصف العام الجاري. وما دام المال العام يستثمر فيها بقوة، إذ تملك الدولة الجزء الأكبر من أسهمها، فإن من المنطقي أن يكون لمجلس النواب دور في الرقابة عليها، بل أن وجود رقابة على ألبا من طرف ديوان الرقابة المالية تأكيد أن مجلس النواب له الحق في الرقابة على هذه الشركة وغيرها من الشركات التي تملك الحكومة أكثر من نصف أسهمها، وعلى الأرجح فإن الحكومة تدرك ذلك تماما، لذلك خفضت أسهمها في بنك البحرين الوطني إلى 49 في المئة، قبل عدة سنوات، لإدراكها هذا المعنى.

وللعلم أيضا، فإن مجلس النواب حين وافق على قرض 500 مليون دولار في مارس/ آذار ،2003 كان من بينها نحو 200 مليون لتطوير الخط الخامس، إضافة إلى تطوير مصفاة بابكو، ودفن بندر السيف في البسيتين ودفن غرب الحد، ولا أعرف إلى أين وصل المشروع الأخير، وربما هذه مناسبة ليتأكد مجلس النواب ان كان القرض الذي وافق عليه صرف في محله.

القرارات تتخذها إدارة الشركة، وهذا حقها، بيد أن ذلك يختلف عن الرقابة، المكرسة حقا أصيلا للمجلس المنتخب، وهي أداة فاعلة لتطوير العمل. ومحاولة الحكومة التي ستوفق طبعا في حصر النواب في الزاوية، وتقليص صلاحياتهم الرقابية، كما قلصت صلاحياتهم التشريعية، ستقود إلى مزيد من التدهور الذي تستفيد منه فئة قليلة فيما يبقى الناس “يعدون النوى”

العدد 933 – الأحد 27 مارس 2005م الموافق 16 صفر 1426هـ

المصدر: حق البرلمان في الرقابة على “ألبا”

انشر وشارك

مقالات ذات صلة