abbasbusafwan@gmail.com

القصر السعودي وشيعة القطيف والإحساء.. وحزب الله.. وجدلية الحوار مع إيران

عباس بوصفوان

٨ يناير ٢٠٢٢

السعودية: ما الخطة “باء”.. وأي علاقة بين مغازلة القصر السعودي للشيعة في القطيف والإحساء.. وبين التصعيد غير المسبوق بين الرياض وحزب الله.. والحوار السعودي الإيراني؟ وما موقع حوزتي “النجف” و”قم”، ومصطلح “المرجع الخليجي” و”الشيعة العرب” من ذلك؟

الفهم الكلاسيكي أو لنقل “الشعبي”، يرى العلاقة طردية بين الحوار الثنائي بين الدولتين الكبيرتين والقضايا الإقليمية. فكلما حققت جولات النقاش نجاحات، انعكس ذلك إيجابيا على الملفات الأخرى، في اليمن ولبنان والعراق وفلسطين والبحرين.. فهل الحال كذلك؟

لا يتحدث الإيرانيون أو السعوديون عن تغيير قناعاتهم “الأيديولوجية”، ومنطلقات الحكم، ولا عن إعادة بناء محاورهم: السعوديون في المحور الأمريكي، والإيرانيون يرعون محور المقاومة. ذاك أمر معلن.

الحوار الجاري محاولة سعودية للتكيف مع المتغيرات في المنطقة، بما في ذلك التصور الأمريكي للعلاقات مع الصين، والتعزيز الذي عمّق من  مصطلح “شركاء” لا “حلفاء” في نظرة واشنطن للدول الخليجية. 

أبرز معالم هذا التصور رفض واشنطن توقيع اتفاقيات دفاع مشترك مع دول الخليج، يلزمها خوض حروب نيابة عن الدول النفطية، إلّا إذا رأت الدولة العظمى فيما يجري تهديدا لمصالحها.. وتحدد هي مقدار هذا التدخل، لا الدول التابعة لها. 

الحوار الذي وافقت السعودية على الانخراط فيه، ينضم لخطوات أخرى، تستهدف إعادة انتاج محمد بن سلمان “جديد”، وبناء سعودية “جديدة”، وذلك بعد “حسم” معركة الحكم داخليا.

وكذا العمل على إعادة بناء المكانة السعودية المتصدعة إقليميا ودوليا، ومواصلة الجهد لاستقطاب استثمارات تحول الرياض لـ “صين” الشرق الأوسط.. تلك هي بعض معالم ما يمكن اعتباره الخطة “باء”، التي باتت “ألفا”.

في الحوار، الطرف الإيراني يفضل التركيز على العلاقات الثنائية، والطرف السعودي يرى أولوية بحث قضايا الاشتباك الإقليمي، فلماذا التصعيد ضد حلفاء إيران؟

التصعيد السعودي، من أعلى الهرم، تجاه “حزب الله”، أمر غير مسبوق على هذا النحو. فقد وصف الملك سلمان بن عبدالعزيز، الحزب اللبناني بـ “الإرهاب”، مرتين مؤخرا، مرة من على منصة الأمم المتحدة في سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخرى قبل أيام قليلة في كلمة بمناسبة افتتاح مجلس الشورى السعودي.

يندرج هذا التصعيد، ضمن غايات أخرى أوسع، وفي سياق جدلية الحوار، الذي (الحوار) لا يراد له أن يخفي الصراع بين مشروعين مختلفين، لدى كل من طهران والرياض. 

 

من غايات الهجوم السعودي: شيطنة الجمهورية الإسلامية، عبر شيطنة أبرز حلفائها: “حزب الله. فالحوار لا يردا له تحويل طهران وحلفائها أصدقاء موثوقين. والكلام الإيجابي من طرف الرياض تجاه طهران يجدر كسره عبر الهجوم على “حزب الله”.

لا تريد الرياض أن “يشتبه” جمهورها. فيما الغرب يدرك اللعبة. 

يخشى الطرف السعودي ان يخترق “الخطاب المقاوم” جمهوره. الحوار مع الجار الإسلامي القوي، من وجهة نظر نجد، لا يعني منح الجمهورية الصاعدة موطئ قدم في ساحات الرياض المختلفة، من لبنان مرورا بمصر إلى المغرب العربي، والأهم من ذلك الساحة الداخلية السعودية.

لا تريد الرياض أن “يشتبه” جمهورها. فيما الغرب يدرك اللعبة. 

ومن هنا تأتي مغازلة القصر السعودي لأهل القطيف والإحساء والمدنية المنورة، باعتبارهم “مواطنين” مكتملي الأركان.

توصيف “المواطنة” جديد أو يكاد، في الخطاب السعودي الرسمي وغير الرسمي، الذي طالما وصف المواطن المعتنق للمذهب الشيعي بما لا يليق: “صفوي، مجوسي، عبدة قبور”. 

الجهد السعودي بات يدرك خطأ محمد بن سلمان بالهجوم الشامل على المذهب الشيعي ومعتقداته. وهو يسعى من خلال الهجوم على حزب الله، والتقرب من شيعة الداخل، وخطوات أخرى تجاه العراق، لإبعاد شيعة السعودية عن خط طهران ومرجعية قم، وتحذيرهم من تعميق العلاقة مع أشقائهم في طهران وبيروت.

نعم، يمكن للشيعة “العرب” في المنطقة الشرقية، إذا رغبوا في استفتاء ديني، التواصل مع حوزة النجف “غير المسيسة”، (مع ان السيد السيستاني في قلب المعادلة السياسية في العراق، وهو بمثابة “ولي فقيه” غير معلن، في أكثر من موقف).

لكن على الشيعة في الخليج ان يعلموا على انتاج مراجعهم الدينية في الفتيا، ويستغنوا عن العلاقة مع النجف وقم، على المدى الطويل، كي يتأكد “انتمائهم” الوطني. هذا هو الجهد السعودي الرسمي.

“الشيعة العرب” فكرة يراد لها أن تسود، وكان من أحدث فصول التنظير لها، الجهد الذي قاده قبل سنوات قليلة، المركز العربي لدراسة السياسات، المكلف قطريا بتولي ملف العراق، وخلق تشكيك في كل مدخلات مخرجات نظامه السياسي، الذي يعاني أصلا إشكالات لا ينقصها مزيدا من الهجوم. 

العديد من الأفكار هنا مفتعلة، بما في ذلك وضع حواجز بين الخليج وامتداده العراقي والإيراني. وينطبق ذلك أكثر على الجماعات الشيعية الخليجية التي يفترض ان تعيش المواطنة الكاملة دون تهديد. 

الانتماء للوطن لا ينتقص منه وجود علاقات طيبة وعميقة مع الامتداد الطبيعي في الجوار العراقي والإيراني واللبناني.  الشيعة أصل ثابت في الأوطان الخليجية، لا يهددون أحدا، بل هم عرضة للتهديد.

الحوار الإيراني السعودي لن يخفي المشاكل، لكنه قد يخلط الأوراق في هذا الملف أو ذاك، بما في ذلك إحداث جدل في جنبات العراق، و”حماس” هناك في فلسطين، والحوزات، والنخبة الشيعية في الخليج، التي توضع تحت طائلة التهديد، والاختيار فيما يصح الجمع بينه، ولا يصح قطعه. وهذا يستدعي نقاشا معمقا لا انكار التحديات.

انشر وشارك

مقالات ذات صلة