abbasbusafwan@gmail.com

عن اعتبار وزير الخارجية الكويتي “مبعوثا سعوديا” إلى لبنان.. أليس “تحاملا”؟

٩٩

عباس بوصفوان

٢٧ يناير ٢٠٢٢

 

السؤال الذي يحتاج توضيحا: كيف يمكن فهم تبني دولة الكويت الموقف السعودي “كاملا” في الشأن اللبناني.

البعض نظر إلى وزير الخارجية الكويتي، أحمد الصباح، وكأنه “مبعوث” سعودي، يحمل عددا من “المتطلبات” الهادفة إلى ادماج لبنا في “المحيط العربي”، خصوصا الخليجي منه.

يزداد هذا السؤال تعقيدا بالنظر إلى أمور عدة، نذكر منها النقطتين التاليتين:

النقطة الأولى: إن العاصمة الخليجية، الغنية بالنفط، كانت طرفا رافضا للانقضاض السعودي-الإماراتي على الدوحة، إبان الحصار على شبه الجزيرة القطرية، بين يونيو ٢٠١٧ – يناير ٢٠٢١.

بالتالي، يفترض ان يكون موقفها متفهما لما يسمى “خصوصية” لبنان، الذي تتقاسم طوائفه حكومات تعجز عن العمل.

النقطة الثانية: تسود “صورة نمطية” (ستيريو تايب) في بعض الإعلام اللبناني والعربي بتمايز الكويت عن الرياض في الملفات الإقليمية، فإذا بها لا تكتفي بترديد النغمة السعودية، وإنما تتباها، عبر سحب سفيرها من بيروت، ثم تبني الشروط “ال ١٢”، تذكر بالشروط التي يراد فرضها على قطر.

حسنا.. لفهم التموضع الكويتي، نسرد ما يلي، من وجهة نظري المتواضعة، وسأخلص إلى نتيجة بشأن لبنان.

أولا، الكويت أقرب إلى المحور السعودي المصري، بل ليس من الخطأ القول إنها جزء منه.

وهي ليست جزء من المحور القطري التركي، ولا المحور المقاوم بقيادة طهران.

كما إنها لا تتبنى الرؤية العمانية الحريصة على النأي “الإيجابي” بالنفس عن صراعات المنطقة الفوضوية.

هذا التموضع عنصر حاسم، يسهل قراءة المشهد.

ثانيا، من أجل ان تحافظ الكويت على تمايز سياساتها في بعض الملفات، فإن يجب حصرها في نقاط محددة.. ولا يصح توقع ان تتمايز في جميع الملفات.. وإلا خرجت الكويت من كونها حليفا سعوديا غير تقليدي.

ثالثا، الكويت لا تريد ان تكون قطر، التي هي الأخرى باتت أكثر حرصا على التفاهم مع “الشقيقة الكبرى”، بعد تفاهمات قمة العُلا.

رابعا، الملفات التي يتميز فيها الموقف الكويتي يمكن حصرها في الحصار ضد قطر، والعلاقات مع العراق وإيران.

خامسا، نعم، الحالة اليمنية، وبدرجة أقل بكثير جدا، الحالة البحرينية، تميزت فيها الكويت على نحو “لا يبعدها” عن الموقف السعودي.. ولا يمكن وصف ذلك بأنه تموضع على الضفة الأخرى من الرياض.

سادسا، الموقف من القضية الفلسطينية مسألة خاصة، سبق لي علاجها.

ملفات التباين:

أولا: الملف القطري: إذا قبلت الكويت بابتلاع السعودية للدوحة، هذا يعني انها ستكون الهدف التالي للثنائي الجشع.

لقد كانت الكويت تدافع عن نفسها، حين رفضت الحصار ضد الدوحة، والانتقاض من سيادتها.

ثانيا، الملف العراقي: منطلقات الكويت “النظرية” من إيران والعراق لا تختلف عن تلك التي يتبناها الطرف السعودي.

الكويت تتميز بموقفها “العملي” والبراغماتي” من العراق وإيران، بالنظر إلى التجربة المريرة التي عاشتها بعد صيف ١٩٩٠، حين مسح صدام حسين الدولة الخليجية من الخارطة.

ذاك يدفع الكويت لتكون حريصة على علاقات غير عدائية مع بغداد ما بعد ٢٠٠٣. بيد إن المنطلقات التي ترى العراق “خطرا” ما زالت قائمة، وتلعب دورا هائلا في السياسة الكويتية، وتجعلها أقرب إلى المزاج السعودي لجهة المنطلقات العميقة.      لا يمكن للكويت ارتكاب خطأ بإرسال مفخخين وتدمير العملية السياسية، كما فعلت الرياض، لأن الانتقام العراقي قد لا يتأخر.

ثالثا، الملف الإيراني: العقلانية الكويتية تجاه العراق وإيران هي نتاج تهورها، بين ١٩٨٠- ١٩٨٨، وانحيازها الأعمى، الذي لم يبق حينها خط رجعة، حين دعمت بلا مواربة وتبجح، حرب صدام حسين الدامية تجاه طهران، التي فضلت ابتلاع ألمها، وتفادت رد الصاع صاعين، لأسباب لا مجال لتفصيلها.

لكن من المهم التشديد على أن جزء من غايات الكويت في إقامة الكويت علاقة متوازنة مع طهران وبغداد يعود إلى القلق من “التغول السعودي” الذي لا يمكن حذفه من الطاولة.

مع ذلك، وبشرط عدم تجاهل التموضع الكويتي، الحريص على تفادي إغضاب الرياض، يصح لـ أهل لبنان واليمن البحرين توقع موقف كويتي “مختلف” نوعا ما.. وهو كذلك “نسبيا”. وزير خارجية الرياض يقاطع بيروت، ويزورها الوزير الكويتي!

 

 

 

انشر وشارك

مقالات ذات صلة