abbasbusafwan@gmail.com

حرم ملك البحرين في الإمارات: دبلوماسية نسائية خارجية.. هدفها داخلي بامتياز

سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة، حرم ملك البحرين، في زيارة إلى الإمارات العربية المتحدة، الظاهر منها: تهنئة أبوظبي بالعيد الـوطني الـ 43 للدولة الاتحادية السباعية، والاجتماع مع فاطمة بنت مبارك رئيسة الاتحاد النسائي العام في الإمارات، لكن ظاهر الصورة يخفي الكثير.

لا أقول جديدا إن أشرت إلى أن السياسة الخارجية تعد امتداد للسياسة الداخلية، وفي حالة المكليات العربية، الأحادية الحكم، يتوجب أن تساهم العلاقات مع الدول الأخرى في تعزيز قبضة الحكام، وخطهم السياسيين. ويستحيل فصل الزيارات البينية بين الزعماء السياسيين، والنهج الداخلي لهم، وينطبق ذلك بطبيعة الحال حتى على الدول الديمقراطية، حيث تلعب العوامل المحلية والخارجية أدوارا مختلفة في ترجيح كفة الأحزاب والشخصيات أمام الرأي العام، الذي سيكون له كلمة الفصل في تحديد اسم الرئيس، في الجمهوريات الرئاسية، مثل أميركا، أو الحزب الذي سيشكل الحكومة، كما هو الحال في المملكة المتحدة، حيث يسود النظام البرلماني.

التحالف مع ابن زايد

تلعب الشيخة سبيكة، والدة ولي العهد، دورا محوريا في دعم ابنها البكر سلمان بن حمد آل خليفة، في وجه خصومه في داخل العائلة الحاكمة، الذين يرونه غير مؤهل لتولي قيادة البلاد بعد أبيه، باعتباره شخصية متلبرلة، قابلة للانكسار أمام ضغوط المعارضة، كما حدث إبان اعتصامات دوار اللؤلؤة (فبراير ــ مارس 2011)، حين تقدم ولي العهد بنقاط سبع، اعتبرت من المتشددين تنازلا يتوجب الانقضاض عليه. (أنظر: الصراع المكتوم: مستقبل ولاية العهد في البحرين )

ولعب الإعلام الرسمي، خصوصا تلفزيون البحرين، إلى جانب الإعلام الدولي، دورا مفصليا في تسويق ولي العهد باعتباره حمامة سلام، بعكس أخيه غير الشقيق ناصر، الذي قدمه الإعلام المحلي متشددا وقابضا سيفه بيديه لقتل المعارضين.

والحقيقة، كما أظنها، هي إن ولي العهد ليس لديه برنامج خاص، حاليا، إنه أمين لنهج والده، يزج به في المسارات المرسومة والمحددة، وقد احترف الأخير أن يكون دمية في يد والده، أو لنقل جنديا في يد الملك، ملتزما توجيهاته، وممارسا على الدوام دور كبير مديري العلاقات العامة للعائلة الحاكمة.

زيارة سبيكة إلى الإمارات، خطوة جديدة للترويج لابنها سلمان، في دولة ينظر إليها تقليديا بأنها من أهم الدعامات لحكم آل خليفة في البحرين، فقد احتفظ الملك حمد بعلاقات وطيدة مع الرئيس المؤسس للإمارات زايد بن سلطان آل نهيان، ونجله الحالي، الحاكم الفعلي للاتحاد: محمد زايد، كما يحتفظ ولي العهد بعلاقات عميقة مع ابن زايد، الذي يتنامى نفوذه يوما بعد آخر، لكن مع الأسف الشديد في الاتجاه الخطأ من التاريخ. (أنظر: الانخراط العالمي للإمارات… في الاتجاه الخطأ، http://goo.gl/zgwuRO )

يكسب سلمان نقطة مهمة باحتضان ابن زايد له، خصوصا وأن أخيه غير الشقيق ناصر، المدعوم من الخوالد المتشددين، متزوج من كريمة حاكم دبي محمد بن راشد آل مكتوم، لكن الأخير صار إلى حد كبير مكسور الجناح، وغير قادر على منافسة حاكم أبوظبي، بعد نوفمبر 2009، حين فاجأت دبي العالم بإعلان عدم قدرتها على تسديد ديون قدرت بنحو 26 مليار دولار مستحقة على شركة دبي العالمية، وتدخل أبوظبي لمنح الإمارة التي كانت على وشك إعلان إفلاس شركتها الشهيرة، معونة عاجلة بلغت 10 مليارات دولار.

هشاشة العلاقة بالمؤسسة العسكرية

زيارة سبيكة إلى أبوظبي خطوة من بين خطوات أخرى تقوم بها لتعزيز تموضع ولي العهد إقليميا ومحليا، ومنها تنظيم المجلس الأعلى للمرأة، الذي تترأسه، ملتقى المرأة العسكرية، وذلك بالتعاون مع وزارتي الدفاع الداخلية، و هنا يمكن أشير إلى نقطتين:

الأولى: أن مجلس المرأة يشكل تحالفا وثيقا مجلس التنمية الاقتصادية، الذي يقوده ولي العهد، ولذا يقدم كل مجلس للآخر جوائز علنية، بمناسبة وغير مناسبة، ويمكن البحث في غوغل لترى عدد الصور والاجتماعات التي تجمع الشيخة سبيكة وطاقم ولي العهد، مثل مستشاره محمد بن عيسى والمدير التنفيذي لمجلس التنمية ووزير المواصلات كمال أحمد، ولا تضاهي هذه الاجتماعات في كثافتها أي لقاءات مع جهة أخرى في الدولة، بما في ذلك وزارة التنمية التي يفترض أن لديها ملفات عديدة خاصة بالمرأة.

النقطة الثانية، أن اختيار شعار “المرأة في المجال العسكري”، لما يسمى يوم المرأة البحرينية للعام 2014، الذي يحتفي به مجلس المرأة، في الأول من ديسمبر منذ 2008، ليس إلا محاولة مكشوفة لتعزيز العلاقات بين المجالس المحسوبة على ولي العهد والمؤسسة العسكرية، في ظل اعتقاد راسخ بأن ولي العهد لا يمتلك تأثيرا يذكر في بنى وزارة الداخلية والمؤسسة الأمنية، لكن تأثيره يكاد يكون منعدما في داخل الجيش والمؤسسة العسكرية.

ولا يحمل العديد من ضباط الدفاع والداخلية ولاء إلى ولي العهد، الذي يرونه هشا، ويزدرونه كونه غير عسكري، فيما يفضل الغرب التعامل مع الحكام المتشددين، وإن كان يفضل دكتاتورا بوجه ليبرالي. (أنظر: علاقة الخليفيين المتشددين بالغرب )

وقد أسس الملك الجيش، على أسس طائفية، وزرع فيه عقيدة الدفاع عن العائلة الحاكمة، واعتمد الملك على الجيش في ترجيح كفته أمام أي خصوم داخليين، سواء في داخل العائلة الحاكمة، مثل عمه رئيس الوزراء يوم كان يعتد بوجهة نظره، أو إزاء خصومه المعارضين، كما حدث حين زج الملك بالجيش في قمع اعتصامات دوار اللؤلؤة في 2011.

وحتى نحن نعرف أن في العوائل الحاكمة يسود شعار “مات الملك.. عاش الملك”، فإن الحركة النشطة لوالدة ولي العهد، في البحرين وخارجها تعكس القلق الذي يتردد في القصور الخليفية على مستقبل ولي العهد.

المصدر: حرم ملك البحرين في الإمارات: دبلوماسية نسائية خارجية.. هدفها داخلي بامتياز

انشر وشارك

مقالات ذات صلة