abbasbusafwan@gmail.com

الاتهام الخليجي – المصري لجهات “بحرينية” بتلقي “تمويل قطري للقيام بالإرهاب”: الغايات، المصداقية والشواهد

سعيد الشهابيعباس بوصفوان

رئيس مركز البحرين للدراسات في لندن

مقدمة

حركة أحرار البحرين

علاقة المعارضين بقطر

القوى السياسية

صحيفة الوسط

الحركات السّريّة

“الإرهاب”.. شعار المرحلة

مقدمة

ما الأسس التي أرتكز عليها القرار السعودي الإماراتي البحريني المصري بتصنيف حركات وشخصيات “بحرينية” على قائمة “الإرهاب”؟ وذلك في البيان[1] الذي أصدرته الدول الأربع في التاسع من يونيو ٢٠١٧، في حمأة الصراع مع قطر، وإعلان قطع العلاقات السياسية والاقتصادية معها في الخامس من يونيو الجاري.

ويصنف البيان المقتضب “٥٩ فرداً و12 كياناً (من مختلف الدول العربية) في قوائم الإرهاب المحظورة”، ويتهم قطر بأنها تستضيف هذه الجهات أو تدعمها. ومن بين ١٢ حركة تراها الدول الأربع إرهابية، ٦ منها من البحرين، الجزيرة التي يقل عدد سكانها عن عدد قاطني حي من أحياء القاهرة.

في هذه القراءة التحليلية محاولة لمقاربة للأسئلة التالية: هل ثبت أن الحركات البحرينية المذكورة في البيان الرباعي تمارس “الإرهاب”؟ وهل تلقت هذه الحركات أموالا وتسليحا من قطر للقيام “بالتخريب ونشر الفوضى”؟ وما الغايات التي دفعت الثلاثي الخليجي (السعودية، الإمارات، البحرين) ومصر لإعلان هذه القائمة؟

وكما يبدو جليا، فإن الإجابة على هذه الأسئلة دونها الكثير من التحديات، في ظل واقع ملتبس وموضوع إشكالي.

القائمة البحرينية

تصنف الدول الأربع (السعودية، مصر، الإمارات، البحرين)، بحسب البيان الذي أصدرته، ست جهات بحرينية على قائمة “الإرهاب”، هي “سرايا الأشتر، ائتلاف 14 فبراير، سرايا المقاومة، حزب الله البحريني، سرايا المختار، حركة أحرار البحرين”، إضافة إلى ناشطَين آخرين هما “(السيد) مرتضى مجيد السندي، وأحمد الحسن الدعسكي”.

ويدّعي البيان أن الجهات والأفراد المذكورين يتخذون من الدوحة مقرا لهم، أو أنهم يتلقون دعما قطريا. لكن البيان لا يقدم أية إيضاحات أو أدلة. كما لا يقدم تعريفا لمفهوم “الإرهاب”، ولا تفسيرا مقنعا لإدراج هذه الجهات والشخصيات دون غيرهم في القائمة.

لذا، يمكن القول إن البعد السياسي طاغ في البيان الرباعي، بإطلاقه تعميمات دون مصاديق. ويفقد البيان الكثير من وزنه حين يصور البحرين وكأنها تعج بالحركات الإرهابية مثل سوريا وليبيا وأفغانستان والصومال، وهو توصيف مناف للواقع.

وفي ظل غياب المعايير فإن القلق في محله من أن يتم إصدار قوائم أخرى تصم أفرادا وأحزابا بـ “الإرهاب” لغايات سياسية.

حركة أحرار البحرين  

تدرج القائمة السعودية- الإماراتيةـ البحرينيةـ المصرية “حركة أحرار البحرين” ضمن قائمتها للإرهاب المدعوم قطريا، ويكفي ذلك مثالا للإطاحة بالقائمة. معروف إن “الأحرار” تتبنى نهجا سياسيا سليما، منذ تأسست في العام ١٩٨٣ لتكون واجهة سياسية للإسلاميين الشيعية، بعد التضييق على العمل السياسي في البحرين، إثر حل البرلمان في ١٩٧٥ وتصفية الأحزاب السياسية.

ويمكن أن تتفق أو تختلف مع “الأحرار”، لكن وصفها بتبني العنف وتلقي أموال من قطر بهدف التخريب في البحرين لا يبدو متسقا مع تاريخ الحركة وأدبياتها وممارساتها، إلا إذا اعتبرنا المناداة بالإصلاح الدستوري إرهابا.

يرأس “الأحرار” الدكتور سعيد الشهابي، اللاجئ السياسي في لندن منذ نحو أربعة عقود. وتلتزم الحركة بالقانون البريطاني الصارم في هذا الصدد. فيما الشهابي نفسه داعية للتغيير السياسي، وقد اشتغل كثيرا في مجال الدعوة والوحدة الإسلامية، حتى وإن كانت هذه النشاطات محل تساؤل الآن، في ظل اختلاط الأوراق، وتبني حركات “إسلامية”، مثل القاعدة و”داعش”، عمليات إرهابية ضد المدنيين في مختلف دول العالم.

كانت “الأحرار” فاعلا رئيسيا في أحداث التسعينات من القرن الماضي، وهي الانتفاضة الشعبية السلمية التي كانت تطالب بإعادة العمل بدستور ١٩٧٣. لذا اتُهمت “الأحرار” بأنها داعمة لـ “الإرهاب”، لكن السلطات البحرينية عجزت عن تقديم أدلة وازنة، وهي التي ترمي المعارضين بتهم “الإرهاب”.

وحتى مع تبني الشهابي دعوات تغييرية راديكالية، مثل الدعوة إلى قيام جمهورية ديمقراطية في البحرين، فإن ذلك يعد في خانة التعبير عن الرأي السياسي المشروع قانونا، وهو رأي يجادله فيه معارضون يرون الأولى تحول البحرين لمملكة دستورية، وأنا من بين أولئك الذي يجادلون بأن التحول الديمقراطي والمتدرج أفضل للمنطقة العربية، وهو أمر لا يتيحه النظام العربي على أي حال.

كما يجدر ملاحظة أن تبني الثلاثي المعارض (الأحرار، حركة حق، تيار الوفاء) وقطاعات شعبية أخرى، الدعوة الجذرية بتحول البحرين نحو النموذج الجمهوري جاءت في ظل التحولات الاستثنائية التي واكبت ما عرف بـ “الربيع العربي” في ٢٠١١، لكن أيضا بسبب فشل السلطات البحرينية في إحداث إصلاح مستدام وراسخ. وكان الأمل يحدوا المعارضين أن يفتح التصويت بالإيجاب على ميثاق العمل الوطني في العام ٢٠٠١ أفقا إصلاحيا، وقد حدث العكس وارتد النظام نحو تكريس سيطرته على مقدرات البلاد.

ومع ذلك، فإن الشهابي لم يدعُ إلى العنف ولا إلى رفع السلاح، كما أن القوى السياسية الرئيسية في البحرين مازالت تطالب بمملكة دستورية، وحكومة منتخبة، على أن يتم التحول السياسي ـ الذي صار أكثر تعقيدا ـ عبر الحوار.  ومع ذلك شاهدنا أن بعض الآراء “المعتدلة” في البحرين أدرجت في خانة “الإرهاب”.

علاقة المعارضين بقطر

يعصب اثبات علاقة هذه الحركات “المفترضة” بدولة قطر، بل يمكن ترجيح نفيها مع غياب الدليل على صحتها. ولعل أكبر برهان على ذلك أنه، منذ ٢٠١١، لم يرد اسم الدوحة، كممول وداعم للمعارضين، ولمن تسميهم الحكومة تعسفا “إرهابيين”، في أي من محاضر النيابة العامة ومرافعات القضاء، وذلك في مئات الخلايا المدعاة أنها “إرهابية” والتي تلقي سلطات البحرين القبض عليها تباعا.

وعادة ما تُتهم أطراف المعارضة البحرينية، بمختلف تلاوينها وشعاراتها، بالعلاقة إيران في هذه المحاضر وفي الإعلام الرسمي وشبه الرسمي.

ولا أريد الاستفاضة هنا، فقد سبقت وأشرت إلى ذلك في كتابات سابقة. لكن يمكن القول، أنه باستثناء النقد البحريني الرسمي الجارح لقطر على خلفية بث قناة الجزيرة الانجليزية للفيلم الوثائقي “صراخ في الظلام”[2]، الذي وثق بمهنية عالية حقيقة المشهد البحريني في ٢٠١١، وكذا الخلاف على تجنيس قطر لبحرينيين من العرب السنة الموالين لآل خليفة [3]، تكاد تختفي الاتهامات البحرينية الرسمية وشبه الرسمية إلى قطر بدعم المعارضين منذ ٢٠١١، مع اتخاذ الدوحة موفقا سلبيا للمطلب الإصلاحي في البحرين.

وربما يكون آخر مرة اتهمت فيها البحرين قطر بدعم المعارضين كان في أغسطس ٢٠١٠، قبل نحو أربعة أشهر من اندلاع ما عرف بـ “الربيع العربي”. حنيها “وجه ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة اتهاما مباشرا إلى دولة قطر بأنها تقف خلف مجموعة “إرهابية” هدفها قلب النظام”، بل إن الملك قال حينها أن “إيران ليست لها علاقة بما سماها مجموعات الفتنة”[4].

لكن الخلاف بين العائلتين الحاكمتين (آل ثاني في قطر، وآل خليفة في البحرين) ظل مستعرا، لأسباب تاريخية، وأخرى ذات صلة بالتوجس السعودي الإماراتي من الدوحة. فلم تسهم قطر في المارشال الخليجي الذي وعدت به الدول الخليجية حكومة البحرين والبالغ ١٠ مليارات دولار على مدى عشر سنوات لمواجهة التحديات التي عكستها انتفاضة ٢٠١١. وكان من المفترض أن تدفع كل من الدوحة والرياض والكويت وأبوظبي مساعدة للبحرين مقدارها ٢.٥ مليار دولار بين ٢٠١١ حتى ٢٠٢١، أي ٢٥٠ مليون دولار سنويا من كل دولة، ويبدو أن الإمارات والكويت وفقتا بتعهداتهما [5].

كما أن الجسر الذي من المفترض أن يصل بين البحرين وقطر مازال معطلا[6]. ورغم الزيارات البحرينية على أعلى المستويات للعاصمة القطرية في مايو ٢٠١٧[7]، والحديث عن حلحلة المساهمة القطرية في المارشال الخليجي، والمضي في بناء الجسر، فإن شيئا لم يتغير على الأرض، وحاليا تقطعت السبل بكل ذلك.

وكما يدفع شيعة البحرين ومعارضوها عادة ثمن الخلاف الإيراني الأمريكي على مدى سنوات مديدة. تدفع الجهات البحرينية من جديد ثمن الخلاف القطري البحريني الرسمي، ولذا، ربما علينا أن نتوقع أن يتم القبض على “خلية” ذات علاقة بقطر في وقت قريب. ويبدو مبررا قلق بعض الجهات السياسية من الزج بها في أتون الصراع القطري السعودي.

القوى السياسية   

تتهم الحكومة البحرينية عمليا مختلف قوى المعارضة بـ”الإرهاب”. يشمل ذلك حركة “الوفاق”، كبرى جمعيات المعارضة، وحركة “وعد” العلمانية، وتيار “أمل”، وهي جمعيات سياسية مرخصة قامت الجهات الرسمية بحلها وإغلاق مقارها واعتقال زعمائها[8]، رغم الدلائل الغزيرة على نبذهم للعنف وتعرضهم للترهيب الرسمي.

وحاليا، يقضي معظم القادة السياسيين حياتهم في السجون، ومن بينهم زعيم المعارضة والأمين العام للوفاق الشيخ علي سلمان، وعبدالوهاب حسين أحد أبرز قادة انتفاضة ١٤ فبراير ٢٠١١، إضافة إلى الحقوقيين البارزين نبيل رجب وعبدالهادي الخواجة.

والحقيقة، أن الحركات السياسية في البحرين ترفض العنف جملة وتفصيلا، وهي تتلقى العنف الرسمي بإصدار الإدانات، وذلك مذ فضّت الأجهزة الأمنية ـ مدعومة سعوديا وإماراتيا ـ اعتصام دوار اللؤلؤة في منتصف مارس ٢٠١١، مرورا بحملة الترهيب الشامل التي أعقبت فرض حالة الطوارئ، والتي وثق بعضها تقرير لجنة تقصي الحقائق (تقرير بسيوني)[9]، وصولا إلى فض الاعتصام السلمي من أمام منزل آية الله الشيخ عيسى قاسم، وقيام السلطات بقتل خمسة من المواطنين في ٢٥ من مايو ٢٠١٧.[10]

الاعتصامات السلمية نفسها، سواء اعتصام دوار اللؤلؤة (فبراير – مارس ٢٠١١، أو اعتصام الدراز (يونيو ٢٠١٦ – مايو ٢٠١٧)، تصفها الحكومة بـ”الإرهاب”، والمشاركون فيها “إرهابيون”، وهذا ما يستدعي ضبط المصطلح الذي بات مطاطا ويستخدم بطريقة تعميمية على كل صوت معارض في البحرين والخليج.

ومؤخرا، نشر الإعلام الحكومي ما سماه اتصالات بين رئيس الوزراء السابق حمد بن جاسم وجمعية “الوفاق” المعارضة، وما سمته صحيفة الوطن البحرينية “التدخلات القطرية في الشأن الداخلي البحريني خاصة ما يتعلق منها بأزمة العام ٢٠١١”، والتنسيق مع طهران[11].

ولا يُعرف كيف سيتجه المسار، لكن تصعيد الحكومة ضد جمعية الوفاق، المنحلة أصلا، والحديث عن ارتباطها بقطر، سيناريو يمكن أن يطل برأسه، ولا يمكن استبعاده. واتهام حركة أحرار البحرين بالإرهاب وتلقي التمويل بغرض التخريب من قطر يمكن أن يعمم على الآخرين.

صحيفة الوسط  

يمكن الإشارة أيضا إلى صحيفة الوسط ـ التي يرأس تحريرها المتحدث السابق باسم حركة “الأحرار” د. منصور الجمري ـ الممنوعة حاليا من الصدور للمرة الرابعة منذ ٢٠١١، بقرار من وزارة الإعلام، اتخذ في الرابع من يونيو ٢٠١٧، ولقي إدانة واسعة [12].

وطالما كرر الإعلام الحكومي وشبه الحكومي أن “الوسط” داعمة لـ “الإرهاب”، في استسهال لإصدار الأحكام، لكونها لا تتبنى النهج الرسمي العنيف في التعاطي من مطالب الحركة الاحتجاجية الواسعة التي انطلقت في ربيع ٢٠١١، أو لأنها تنشر بعض المطالبات الدولية بالتحقيق في مقتل المدنيين، وآخرها دعوة المفوض السامي لحقوق الإنسان زيد بن الحسين الذي طالب سلطات البحرين بالتحقيق المستقل في مقتل خمسة مواطنين في الدراز[13]، ونشرت “الوسط” تصريحات المسئول الأممي على صدر صفحتها الأولى، وتلقت عقابا بوقف صدورها حتى اشعار آخر[14].  

 

إن تلفيق اتهامات ضد أي طرف سياسي أو إعلامي في البحرين صار أكثر توقعا مع التصعيد الخليجي ضد قطر.

الحركات السرية  

الحركات البحرينية الأخرى (سرايا الأشتر، ائتلاف 14 فبراير، سرايا المقاومة، حزب الله البحريني، سرايا المختار) والمصنفة إرهابيا في قائمة الدول الأربع (السعودية والإمارات والبحرين ومصر) والمتهمة بتلقي أموال قطرية، هي حركات سرية، لا يعرف الكثير عنها، وقد نشأت مع سد السلطات البحرينية أبواب العمل السياسي العلني. وربما يكون أشهر هذه الحركات “سرايا الأشتر”، التي تتهمها الحكومة بتبني أعمال عنف وقتل الشرطة.

ومع كون الحكومة البحرينية المصدر الوحيد للمعلومات، وفي ضوء الافتقار إلى تحقيقات مستقلة في حوادث العنف القليلة ـ والمرفوضة ـ المنسوبة للحركات المذكورة، يصعب الأخذ بالتقديرات الحكومية بأن الجهات المعلنة تقف وراء كل عمليات العنف، وإن كان يصعب نفي ذلك أيضا.

من هنا تتخذ الدعوات المحلية والأممية بالتحقيق المستقل في عمليات العنف أهمية أكبر، لكن السلطات ترفض ذلك عادة، كما ترفض زيارات مقرري مجلس حقوق الانسان، والصحافيين المستقلين.

وصحيح أنه يمكن وصف البحرين بأنها ساحة حرب، لكن طرفا واحدا يطلق النار: الحكومة، فيما اتسمت الحركة المطلبية بشكل يكاد مطلقا بنهج مدني سلمي.

ويجري الحديث عن فرضيات وقعت في مناطق النزاعات الأخرى، تتمثل في خروج مجاميع صغيرة عن النهج السلمي العام، يتبنون خيارات عنيفة حين تسد مواقع النشاط السياسي الحزبي. هذا التقدير صحيح على الأغلب، وقد تم التحذير منه أميركيا، ومن أطراف المعارضة، ومن قبل الصحافيين. ومع ذلك فإن بعض التقارير تتهم الحكومة البحرينية بالمبالغة في العنف المنسوب لبعض هذه المجاميع وتحاول شيطتنها وتعميم مقولة “الإرهاب” على الجميع.

العنف مدان، لكن لا يمكن غض البصر عن أن انسداد الأفق في البحرين قد يفرز تيارات عنيفة، وبدل أن ينظر للبحرين كحالة إيجابية مع رفض معارضتها انتهاج العنف سبيلا في المطالبة السياسية، يتم شيطنة المعارضة وقادتها الدينيين والسياسيين، كما يحدث مع آية الله الشيخ عيسى قاسم الذي تفرض عليه السلطات الإقامة الجبرية في منزله منذ ٢٥ من مايو ٢٠١٧، بعد إدانته بغسيل الأموال، وهي تهمة آلمت الشيخ الوقور كثيرا كون أموال الخمس التي يجمعها شرعية نزيهة ولا يصح مقارنها بالأموال القذرة الناتجة عن غسيل الأموال.

“الإرهاب”.. شعار المرحلة  

تبدو محاربة “الإرهاب” شعارا سياسيا لتصفية الحسابات. وسبق أن استخدمته القوى الغربية في غير مكان، ومازالت. فيما تستخدمه القوى الخليجية الرسمية، بما في ذلك السعودية والإمارات والبحرين وقطر، على الدوام، للإجهاز على المعارضين.

وحاليا، تستثمر مقولات محاربة “الإرهاب” من قبل السعودية ودول أخرى لتصفية الحسابات مع قطر. وتدفع الجماعات المعارضة البحرينية ثمنا باهظا لذلك، وهي التي لا ترتبط بالدوحة. كما يدفع الشعب القطري والخليجي ثمن الخلافات السياسية بين العوائل الحاكمة في الخليج. بيد أنه يمكن رمي تهم “الإرهاب” على الحكومات المتصارعة، وليس على شعوبها القابعة تحت تكميم للأفواه لا يخفى.

وإذا علمنا أنه تم تجريد أكثر من ٥٠٠ مواطن بحريني من جنسياتهم [15]على خلفية اتهام الحكومة لهم بدعم أو ممارسة ”الإرهاب”، ندرك حينها حجم التضليل في القائمة الخليجية المصرية، التي أدرجت دون ترو شخصيات وحركات بحرينية على قائمة “الإرهاب” بناء على توصيات من حكومة البحرين، التي تناصب قطر والجماعات المعارضة العداء، وتضع إيران وقطر في خانة واحدة لجهة دعم المعارضين دون تقديم أية أسانيد [16].

في ظل ذلك، يبدو مؤسفا أن تنحدر أمريكا، بقيادة دونالد ترامب نحو منزلق خلط الأوراق مستفيدة من شعارات الإرهاب، رغبة في الحصول على مزيد من المال الخليجي وزيادة الاحتقان بالمنطقة.

ويبدو ذلك جليا حين يؤيد الرئيس الأمريكي الاتجاه السعودي الإماراتي ـ غير المبرر وغير المشروع ـ بالإضرار بالشعب القطري، مركزا على دعم قطر لـ “الإرهاب” ومتجاهلا ممارسات السعوديين والإمارات في اليمن وسوريا، وكأن قطر فقط هي التي دعمت المسلحين الإرهابيين.

كما يتضح التناقض الأمريكي حين أدرجت الخارجية الأمريكية، بعد شهرين من وصول ترامب للبيت الأبيض (١٧ مارس ٢٠١٧)، الناشطين البحرينيين مرتضى السندي وأحمد يوسف حسن على قائمة “الإرهاب” الأميركية [17]. وتتجاهل الولايات المتحدة بذلك إرهاب السلطات البحرينية، في موقف يتسم بانعدام المصداقية، وذلك حين تجرم إدارة ترامب العنف المحسوب على المعارضين، وتمجد أو تغض النظر عن العنف الرسمي، بل تدعمه، باعتباره حربا مفترضة على “الإرهاب”، على خلاف موقف إدارة الرئيس السابق باراك أوباما التي كانت تدين ـ شفويا على الأقل ـ كل أشكال العنف من أي طرف كان، وهو الموقف الأصيل للجهات المعارضة أيضا.

وعلى الأغلب، سيستمر الخطاب المعارض البحريني رافضا للعنف، ومؤكدا على القرار الوطني،لكن السلطات ستظل تستخدم مقولات “الإرهاب” للنيل من خصومها، والمؤسف ان بعض القوى الاقليمية والدولية تكرر لغو الحكومة البحرينية في أحيان كثيرة دون تدقيق، كما نرى ذلك جليا في البيان الصادر من الدول الأربع، والذي يكاد يصور البحرين وكأنها سوريا أو ليبيا ينتشر فيها السلاح في كل مكان، وهو أمر غير صحيح البتة، ففي البحرين دولة تحتكر العنف، والإشكال أن السلاح لا يحل الخلافات.

في ظل هذا الظلام الدامس، يبدو تصريح الأمم المتحدة[18] إيجابيا لجهة عدم الإقرار بتصنيفات الإرهاب الصادرة من الدول الخليجية الثلاث ومصر، حتى ونحن نعلم أن هذه المؤسسة الدولية جزء من مجتمع دولي يعيش أسوأ أوضاعه.

[1] https://www.alarabiya.net/ar/arab-and-world/gulf/2017/06/09/بيان-سعودي-مصري-إمارتي-بحريني-حول-دعم-قطر-للإرهاب.html

[2] https://www.youtube.com/watch?v=xaTKDMYOBOU

[3]

‎ ما وراء الهجرة السنية من البحرين إلى قطر | الأخبار  http://www.al-akhbar.com/node/214917

‎موقف الرأي العام السني من هجرة البحرينيين إلى قطر http://www.abbasbusafwan.net/arabic/?p=49

[4]  “المجموعة “الإرهابية” التي يشير إليها الملك البحريني ضمت 23 ناشطا بحرينيا تم اعتقالهم في منتصف أغسطس 2010، بتهم الانقلاب على النظام، من بينهم الناشط عبدالجليل السنكيس ورجل الدين محمد حبيب المقداد، إضافة إلى ناشطين اثنين كانا موجودين حينها في لندن، ولم يتم اعتقالهما، وهما القيادي في حركة حق حسن مشيمع، ود. سعيد الشهابي الرجل الأول في حركة أحرار البحرين. وتم الإفراج عن المجموعة المذكورة في فبراير ٢٠١١، إبان اعتصامات دوار اللؤلؤة الحاشدة (فبراير – مارس ٢٠١١)، وأعيد اعتقالهم بعد فض الاعتصام “بالقوة الغاشمة”، وفق تعبير الرئيس الأميركي باراك أوباما”. أنظر: قطر والبحرين: اود المفقود http://www.abbasbusafwan.net/arabic/?p=205

[5] http://www.alwasatnews.com/news/740212.html

[6] http://www.alayam.com/alayam/first/303481/News.html

[7] http://www.youm7.com/story/2017/3/5/ولى-عهد-البحرين-يبدأ-زيارة-رسمية-لقطر/3129847

[8] https://www.amnesty.org/ar/latest/news/2017/05/bahrain-heading-for-total-suppression-of-human-rights-as-secular-opposition-group-banned/

[9] http://www.bici.org.bh/indexd6cc.html?lang=ar

[10] http://www.huffpostarabi.com/2017/05/23/story_n_16762664.html

[11] http://www.alriyadh.com/1601458

[12] http://bahrainmirror.com/news/39440.html

[13] http://ara.reuters.com/article/topNews/idARAKBN18T295

[14] http://www.alwasatnews.com/news/1247105.html

[15] http://www.iambahraini.org

[16] http://www.abbasbusafwan.net/arabic/?p=205

[17] http://www.bna.bh/portal/news/775869

[18] http://www.aljazeera.net/news/arabic/2017/6/9/الأمم-المتحدة-ملتزمون-بقوائم-الإرهاب-التي-تصدرها-مؤسساتنا

انشر وشارك

مقالات ذات صلة