abbasbusafwan@gmail.com

حكومة البحرين تدعو المعارضة إلى “خيمة صفوان”

حكومة البحرين تدعو المعارضة إلى %22خيمة صفوان%22

عباس بوصفوان*

في عام الانتخابات، ليس جديدا سلوك حكومة البحرين ومحاولتها طرق أبواب المعارضة، خصوصا تيار “الوفاق” العريض، ملوحة بالعصا أكثر من الجزرة، لدفع قوى المعارضة، اليسارية والدينية، عنوة، للمشاركة في الانتخابات البلدية والنيابية المرتقبة في أكتوبر أو نوفمبر ٢٠١٨.

في عام ٢٠١٤، مارست الحكومة التصرف ذاته. فقد بدأ ذلك العام باجتماع بين ولي العهد سلمان بن حمد آل خليفة مع أمين عام “الوفاق” الشيخ علي سلمان، في منتصف يناير ٢٠١٤.

ومن الصعوبة وصف ما جرى حينها بأنه حوار، فلم تكن “الجولة الرابعة من الحوار البحريني إلا طبعة رديئة من نسخ قديمة” (راجع مقالي في صحيفة الأخبار، ١١ فبراير ٢٠١٤)

التحرك الحكومي في ٢٠١٤ كان أكثر زخما، من الوقت الراهن، فقد شملت اجتماعات ولي العهد حينها أطراف الموالاة والمعارضة، وهو أمر قد يتكرر هذا العام.

قبل أربع سنوات، تحدث الشيخ علي سلمان عن تلقي المعارضة مقترحا رسميا بتشكيل حكومة تقوم على صيغة (8/8/4) أي ثمانية وزراء شيعة، وثمانية وزراء سنة، وأربعة وزراء من العائلة الخليفية الحاكمة.

كما كشف سلمان أن جمعية “الوفاق” المعارضة تلقت عرضا آخر قائم على معادلة (6/6/6) لتشكيل مجلس الوزراء، و(20/20)، لرسم الدوائر الانتخابية بحيث تنتج ٢٠ نائبا شيعيا، ٢٠ نائبا سنيا.

أعلن سلمان صراحة رفضه لهذه المقترحات، رغم تلقيه تهديدات حكومية مباشرة بأنه سيتعرض للعقاب إن لم يرضخ للرؤى الحكومية.

برر سلمان رفضه تلك الصيغ بكونها لا تستجيب لأسس المشاركة الشعبية في اتخاذ القرار

حركّت الحكومة بعض الجماعات الشيعية لتشكيل تكتل انتخابي، وأعلنت “وثيقة الأعيان”، التي لم تطبق أغلب بنودها، وانتهى كل ذلك إلى الفشل في تحقيق السلم الأهلي في البلاد، مادامت الصيغة الحكومية ترتكز على مقولة “الحكومة تأمر وعلى الشعب الطاعة”، متجاهلة كليا تطلعات المعارضة وجمهورها الكبير، ومطلبها في إعادة هيكلة المؤسسات الدستورية، وتحقيق المساواة وتكافؤ الفرص.

نتيجة ذلك، ما كان مستغربا أن تخيب مجهودات الحكومة، الأمنية في أغلبها، في استقطاب جمعيات “الوفاق”، “وعد”، “الوحدوي” و”القومي” وباقي فصائل المعارضة الأخرى للمشاركة في الانتخابات التي أجريت في نوفمبر ٢٠١٤، وأنتجت برلمانا بدون طعم ولا رائحة سياسية.

وقبل أن ينتهي العام ٢٠١٤، نفذت الحكومة تهديداتها، واعتقلت زعيم المعارضة الشيخ علي سلمان، وزجت به السجن – إلى جانب أربعة آلاف من المعتقلين – وحكمت عليه بالحبس لمدة أربع سنوات، من المفترض أن تنتهي قبيل انتخابات هذا العام، قبل أن تقرر الحكومة مقاضاته، واثنين من رفاقه، بتهمة ملفقة أخرى، هي التخابر مع دولة قطر.

لذا، راهنا، فإن طرق الحكومة لباب تيار “الوفاق” من جديد، من نافذة رجل الدين البارز السيد عبدالله الغريفي، ليس أمرا استثنائيا.

بل، من المتوقع، أن تكثف الحكومة من نشاطها غير الحواري (مع الأسف)، وتمارس الضغوط على السيد الغريفي وجمهور الوفاق وقياداته، آملة استقطاب من تسميهم “المعتدلين” في تيار “الوفاق”، وشق صفوفها.

لكن الغريفي صاحب خبرة ودراية بالسلوك الحكومي، وقادر على إدارة اللعبة بدبلوماسية وحكمة، فيما تظهر جماعات المعارضة ضبطا للنفس، وترجو أن تكون الحكومة جادة في جهود الحوار، ويبدو أن تلك أمنيات بعيدة المنال.

ستعمل الحكومة لتحويل غلبتها الأمنية المفترضة إلى ظفر سياسي، بيد إن “الوفاق” والجماعات المعارضة الأخرى لن تستجيب لخيار “خيمة صفوان” التي تعرضها الحكومة. (خيمة صفوان تعبير سياسي يعني الرضوخ الكامل من طرف لطرف آخر، وقد صُك هذا المصطلح بعد قيام الأمريكان بإجبار صدام حسين على الاستسلام الكامل بعد دحر جيشه من الكويت في عام ١٩٩١).

ستحاول الحكومة القيام بكل شيء، لكنها ستتفادى الحوار الحقيقي، وهذا مؤسف فعلا. وكان حريا بها أن تشيع ظروفا سياسية وأمنية إيجابية، تبطل المحاكمات السياسية، وتفرج عن المعتقلين، وتلغي الاعدامات، وتتوقف عن التجنيس، وتعقد طاولة حوار متكافئة.

وتقول الجمعيات المعارضة أنه إذا أرادت الحكومة انقاذ البلاد، فإن القوى الوطنية تمد يدها للحوار الحقيقي، وهكذا يفهم من خطاب الغريفي، فالعصا الغليظة قادرة على الهدم، لا البناء.

وترى المعارضة أن الحوار المعتبر هو ذاك الذي يتم بين القصر والقادة القابعين في سجن جو، بعد تحريرهم وتهيئة الأرضية لمفاوضات جادة. وغير ذلك من إجراءات أمنية أو حوارية شكلية، لن ينجح في التعمية على واقع البلاد النازف.

*رئيس مركز البحرين للدراسات.

انشر وشارك

مقالات ذات صلة