abbasbusafwan@gmail.com

جدل لجوء النائب لوسائل التواصل الاجتماعي

جدل لجوء النائب لوسائل التواصل الاجتماعي

عباس بوصفوان
٢٩ يوليو ٢٠٢٠

في هذه القضية، يمكن تسجيل جانبين:

الجانب الأول، نسميه الأصل: وفيه نفترض ان من واجب النائب ان يستثمر أدوات التواصل الاجتماعي، والصحافة، ومؤسسات المجتمع المدني، والندوات، لتعبئة ذوي العلاقة، والجمهور، وحثهم على دعم التشريعات التي يقدمها في المؤسسة التشريعية، وأدوات الرقابة التي يحاسب عبرها النائبُ الحكومة.

وفق هذه الفرضية، يقدم النائب في البرلمان، تشريعا، أو يطرح سؤالا، أو يتقدم بتشكيل لجنة تحقيق، في خطوة أولى.

ثم في خطوة تالية، يعقد مؤتمرا صحافيا، يطلع فيه الناس على غايات المشروع.

وفي خطوة ثالثة، ينظم ندوات في مؤسسات المجتمع المدني، حاشدا قوتها لدعم تشريعه الذي يهدف، كما يفترض، للنهوض بجانب محدد من العمل العام.

وفي خطوة رابعة، يكتب النائب في واتس أب وتوتير عن جهوده المخلصة تلك، آملا ان يصل صوته لكل فرد في الوطن.

إذا، الأصلُ ان عمل النائب لا يكتمل إلا بتعاضد أطراف المجتمع المدني والسياسي مع نشاطاته.

وتواصل عضو المؤسسة التشريعية، مع ناخبيه، وعموم الرأي العام، جزء اصيل من عمل النائب، باعتباره ممثلا لعموم الشعب، وليس فقط لدائرته الانتخابية.

لكن الشرط اللازب والحيوي والذي لا غنى عنه هنا: ان تمتلك المؤسسة التشريعية زمام المبادرة، والأدوات التشريعية والرقابية القادرة على التحكم بصياغة القوانين (التشريع) والاطاحة بالوزراء (الرقابة).

وهنا ننتقل إلى الجانب الآخر من المشهد.

الجانب الثاني، نسميه الصوري: حين يكون البرلمان هامشيا في صوغ القرار التشريعي، وتسيير ماكينة الحكومة والرقابة عليه.. يتحول ذهاب النائب للبرلمان أشبه بزيارة مجلِس أو ديوانية، ذات زخرفة جميلة، في قلب العاصمة.

ويتحول لجوء النائب إلى وسائل التواصل الاجتماعي، ومناشدته للملك أو رئيس الوزراء، لإنجاز أمر ما، تعبيرا صارخا عن هزالة البرلمان.

حين تغيب فعالية البرلمان، يتحول صوت النائب في الإذاعة وتوتير إلى نوع من النعي للنفس، وصراخ في قربة مقطوعة، وزعاق.

الخلاصة: إن المناخ السياسي عنصر حاسم في العمل البرلماني، وفعالية البرلمان تكتمل باحتشاد الجمهور والاعلام والجمعيات المدنية.

لكن حين تغمر الحكومةُ البرلمان بالماء.. يغرق، ولا يمكن لـ تويتر إنقاذه.

انشر وشارك

مقالات ذات صلة