abbasbusafwan@gmail.com

آل خليفة: الوفاق ستقاطع انتخابات 2014 وستشارك في 2018

الوفاق ستشارك في انتخابات 2018، خلاصة تقول بعض الأوساط القريبة من الحكومة أنها انتهت إليها بعد جولات متتالية من “الحوارات” السياسية، والمنازلات الميدانية، والمناوشات القضائية، والصراعات الإعلامية، على مدى الثلاث سنوات والنصف الماضية.

لا أود تبني تلك الفرضية أو نفيها بهذه العجالة، لكني أود مقاربتها وصولا إلى نتيجة، ذلك أن مثل هذه الخلاصة قد تكون خاطئة، وقد تكون مبالغ فيها، لكنها تفتح الأعين على أمرين مهمين:

الأول، أن السلطات تريد أن ترسم لنفسها صورة من التشدد والصرامة، بما يقنع قطاعات أوسع من الناس بأن مسار النضال لن يوصل إلاّ إلى ما يريده آل خليفة.

الثاني، إن المرونة التي تبديها الجمعيات السياسية المعارضة قد يتسرب من بين ثناياها ما يسمح للسلطات أن تفهم، أو تدّعي أنها فهمت، أن المعارضة كما قاطعت 2002، ثم شاركت في 2006، و2010 رغم سوء الحالة الأمنية وضعف المنجز السياسي، فإنها ستقاطع البرلمان المقبل (2014)، وليس من خيار لديها إلا المشاركة في برلمان 2018، فمادامت المعارضة تبدي حاليا مرونة جلية، فمالذي يمنع اتساع مرونتها، وصولا إلى قبول ما ترفضه اليوم، كما تقول الأوساط القريبة من الحكومة.

رؤية المعارضة

ينقلنا ذلك إلى ضرورة الاضطلاع بمقاربة سريعة لتكتيكات الجمعيات المعارضة، خصوصا الوفاق، والتي قد تكون ساهمت في تبلور الخلاصة أعلاه، مع الإشارة إلى أن النقاط أدناه لا تعكس بالضرورة كل مفاصل الاستيراتيجية الوفاقية:

1. إن إحداث تغيير سياسي جوهري قد يستغرق وقتا أطول مما يعتقد الجمهور، وهذا يستدعي إبقاء شعلة النضال الشعبي وإدارتها وفق معادلة لا تستهلكها، بحيث يبقى الحراك الشعبي، كما تسميه، فاعلا بدرجة معينة، مع تفادي مواجهة مفتوحة مع النظام قد تؤدي إلى استنزاف المعارضة في ضربات قاصمة، في ظل الخلل العسكري، الذي يميل لصالح العائلة الحاكمة، وفق ما يفهم من تصور الوفاق.

2. تستمر الوفاق، تحديدا، في ممارسة لعبة التوازانات التي تحاول من خلالها (1) السيطرة على أكبر قطاع ممكن من الشارع المعارض، واستمالته، وكسب ثقته، (2) والحرص في الوقت ذاته على إيجاد قنوات مفتوحة مع النظام من جهة، والغرب من جهة أخرى. ويوجب ذلك، في حالات كثيرة، أن تمضي الوفاق في مسار قد لا يكون شعبيا، أو قد يكون مناقضا لمطالبها، في ظل الحرص على عدم انهيار مثلث: الشعب، آل خليفة، الغرب.

3. وفي البعد الخارجي، كما الداخلي، تتحرك الوفاق وفق معادلات محسوبة، تأخذ بعين الاعتبار مطالب الناس بطبيعة الحال، ولا تتجاهل الخطوط الحمراء الحكومية، فمثلا لا تحرّك تظاهرات، في الغالب الأعم، إلا بمقدار التفاهم مع الجانب الرسمي، ولا تتحرك دبلوماسيا في الخارج على النحو الذي يتحرك فيه نبيل رجب، مثلا، والذي ينتهي به نشاطه العالي في السجن، وإنما تنشط الوفاق وفق صيغة تتفادى فيها كلما أمكن رد فعل حكومي ينحو نحو الحرب العسكرية، أي أن تظل العقوبات الحكومية بما يمكن للوفاق استيعابها.

4. ولهذا أيضا، فإن الحرص الوفاقي شديد على إبقاء نفسها تحت مظلة قانون الجمعيات السياسية، الذي يعطي الوفاق صيغة قانونية رسمية، ويمنح النظام ذاته شرعية هو بحاجة لها، بالنظر إلى الثقل الشعبي للوفاق، ولذا فإن الحديث عن حل الوفاق هو في تقديري سيظل تعنيفا تمارسه السلطة ضد كبرى الجمعيات المعارضة أكثر منه اجراء قانونيا مرتقبا.

5. وكي تحفاظ  الوفاق على معادلة: الشعب، آل خليفة، الغرب، تدير الوفاق لعبة “الحوار” الجارية وفق أطر معينة، من بينها الفصل بين البعد الإجرائي للحوار من ناحية، ومضامينه من ناحية ثانية. وهذا ما يجعلها تقدم تنازلات، قد يكون لا حصر لها أحيانا، في آليات الحوار، وطريقة إدارته، لكنها تتسمك بمضمون المطالب على الطاولة، فيكون النظام والشعب والغرب في ارتياح بقدر معين، أو في غضب لا يخرج عن الحد غير القابل للسيطرة عليه وإدارته، وإن كانت استيراتيجيات الحوار المعروفة عالميا، لا تفصل بين بعديها الإجرائي، وذاك المتعلق بجوهر النقاش (المطالب).

6. البعد الإقليمي، وثنائية السعودية وإيران، حاضر دائما في التفكير الوفاقي، كما يحظر الغرب المساند للسلطة، والذي يتحرك ليتمكن من ضبط إدارة اللعبة، واحتواء المعارضة. ويمكن النظر إلى بيان السفراء الغربيين المعبر عن الإحباط من مقاطعة الوفاق للانتخابات المرتقبة في 22 نوفمبر المقبل، بأنه متوقع، فضلا عن كونه إجراء دبلوماسي باهت، لا يرقى إلى وصفه بالفعل والقرار، وهو لا يخل بمعادلة الوفاق المذكورة وعلاقاتها بالغرب، بل إن البيان الغربي يتمسك بالوفاق كعامل استقرار في البحرين.

7. أرجح أن الوفاق ستعمل على المحافظة على هذه المعادلة إبان الانتخابات، وفي التعامل مع إفرازات العملية الانتخابية التي يديرها النظام من طرف واحد، في ظل إدراك العائلة الحاكمة والغرب بأن مشاركة الوفاق في الانتخابات 2014 يعني فتح الباب على مصراعيه أمام تصدعها.

وكما أشرت، فإن النقاط المذكورة لا تحيط بالضرورة بكامل الرؤية الوفاقية، وإنما صورة لها، وفق ما يتيحه المجال. ومن دون شك فإن الوفاق صادقة في خطابها الشعبي في الرغبة الأكيدة في الوصول إلى صيغة ديمقراطية تمنح الشعب فرصة للمساهمة في حكم نفسه بنفسه، لكنها تعتقد أن ذلك لن يتم بالضربة القاضية، مما يقتضي العمل، كما ترى، وفق لعبة الشد والجذب، والأخذ والعطاء.. وجوهر هذه اللعبة يسمح للعائلة الحاكمة للقول بأن الوفاق قد تشارك في انتخابات 2018. ولا حاجة لتقديم تنازلاتراهنا.

بيد أنه يجدر التنبه إلى أن العائلة الخليفية لم تتوقع الاحتشاد العارم في دوار اللؤلؤة (فبراير ـ مارس س2011)، ولما كان الشعب جزء أصيلا من المعادلة الوفاقية، فإن احتمال عدم المشاركة في 2018 قائم، إذا وجدت الوفاق أن جمهورها يرفض ذلك.

كما يجدر لفت انتباه الوفاق إلى أن المعادلة (الشعب، آل خليفة، الغرب) التي تمنحها فسحة للعمل السياسي، والاعتبار الدولي،، قد تكون ذاتها مصيدتها.

المصدر: آل خليفة: الوفاق ستقاطع انتخابات 2014 وستشارك في 2018

انشر وشارك

مقالات ذات صلة