abbasbusafwan@gmail.com

اضطهاد الشيعية.. وامتطاء حصان طروادة: النساء والأقليات

أهداف عدة يبتغيها النظام الخليفي، الحاكم في البحرين، من الهجوم المتواصل على المعتقد الإسلامي الشيعي، والتعدي على اللافتات الحسينية وإزالتها، وهدم بعض المجسمات التذكارية التي تقيمها مختلف المناطق إحياء لعاشوراء الحسين، واستدعاء الرواديد، ومضايقة المآتم ومواكب العزاء.

وغني عن القول إن ذلك ليس إلا إجراء واحد من بين سلة متنوعة من الإجراءات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية والتربوية التي تستهدف المواطنين الشيعة، بغية تثبيت معادلة اعتياد امتهان المواطن الشيعي، وتصنيفه مواطنا من الدرجة الخامسة، لا حرمة لنفسه وعرضه ومقدساته.

ولتحقيق ذلك، يعمل النظام حثيثا على تحقير الشيعة في الإعلام الرسمي، الذي قال تقرير بسيوني أنه إعلام يبث الكراهية، عبر شاشة التلفزيون وأثير الإذاعة التي يحتكرها النظام. وبات الإعلام الحكومي المرئي والمقروء يصف المواطنين الشيعة بأقدع الأوصاف، في صيغ تعميمية تطال جميع أبناء الطائفة الشيعية التي تمثل الأغلبية السكانية في الجزيرة الصغيرة، رغم التجنسين الفاحش، الذي يمثل بحق جريمة نكراء ضد البلاد، لا تقل مفاعيلها خطورة عن الدمار الذي يسببه القاء قنبلة نووية!

وحين تعلم أن السبّ العلني للشيعة يشيع في القصر الملكي، وعلى لسان الملك وأفعاله، ووزير الديوان الملكي، وشقيقه سيء الصيت قائد الجيش، وفي بعض اجتماعات الوزراء الرسمية، وفي بعض جلسات رئيس الوزراء الدورية، فلن تستغرب قيام صغار الإعلاميين و”الدعاة” بالمزايدة على “ولاة الأمر” بترديد الإساءات العلنية للمواطنين الشيعة ومعتقداتهم ومؤسساتهم، وفي البرلمان، الذي يفترض أن يكون بيت الشعب، وعلى منابر الصلاة، وعلى لسان شعراء البلاط.

ويكاد يمنع تشغيل مواطن شيعي في الديوان الملكي، وفي المؤسسة العسكرية التي أشرف الملك حمد على بنائها منذ تولى منصب وزير الدفاع بعد الاستقلال، وقد عمل حثيثا على جلعها نقية من أي وجود شيعي، ومازال متمسمكا بإقصاء الشيعة من العمل في الجيش، وفي مواقع مؤثرة في الأجهزة الأمن، بدليل ما أعلنته وثيقة الأعيان، التي أعدها الديوان الملكي، وأذيعت على الملأ في منتصف سبتمبر الماضي، والتي تنص على “أن للمؤسسات العسكرية ضوابط صارمة لإعمال الشروط الواجب توافرها والتي حددها القانون في كل من يلتحق أو يستمر بالخدمة فيها والتي من أهمها ضرورة الامتناع عن العمل بالسياسة واحترام الانضباط العسكري والتقاليد والأعراف العسكرية للحفاظ على كرامة ومكانة شرف الخدمة العسكرية”، وكما هو بيّن، فإن الصيغة المذكورة تثني على الوضع التمييزي القائم، ولا ترحب بعمل المواطنين الشيعة في قوة الدفاع، كونهم لا يحافظون على التقاليد العسكرية!، التي تعني، حصرا، إطلاق النار على العزل المعارضين، كما حصل حين أطلق الجيش النار على عبدالرضا بوحميد في 18 فبراير 2011، كما أثبت ذلك تقرير بسيوني.

ومجددا، حين يكون العمل في ديوان الملك وفي الجيش خطا أحمر أمام الشيعة، ولما كان النهج ماضيا نحن عسكرة كل المؤسسات، بما في ذلك الأجهزة الصحية والتربوية، فلنا أن نتوقع حجم التمييز الذي يقع على الشيعة في هاتين المؤسستين وفي كل مؤسسات الدولة.

إن إجبار المواطن الشيعي على العمل في الوظائف الدونية، وسد منافذ التطور الوظيفي أمامه، وهدم مساجده، والإساءة إلى هويته، وإغلاق مؤسساته.. سياسة ممنهجة يخطها النظام، كي يظل هذا المواطن أيضا بعيدا عن التفكير في خياره السياسي، في ظل تنامي الانتهاكات الحقوقية، لدرجة يصعب أن ترى منطقة شيعية غير متضررة من النهج الأمني السائد في البلاد.

وفي مقابل هذا التمييز ضد الشيعة، فإن النظام يركب حصان طروادة، مدعيا رفع شعار حقوق المرأة والأقليات، وذلك من خلال تعيين عدد من النساء عضوات في مجلس الشورى، وهندسة انتخابهم عضوات في مجلس النواب.

وقام النظام بتعيين البحرينية اليهودية هدى نونو سفيرة في واشنطن (2008 ــ 2013)، كما عين، في يوليو 2011، البحرينية المسيحية أليس سمعان سفيرة في بريطانيا، وذلك بعيد أشهر من فض اعتصام دوار اللؤلؤة بالقوة، ومازالت على رأس عملها، في محاولة للإيحاء بأن النظام يمنح النساء والأقليات مكانتهم في المجتمع، وتمثيلا ودورا سياسيا. ويؤسفني أن سمعان ونونو تورطتا في الدفاع عن النظام، وهما تعرفان ما تتعرض له النساء والأغلبية الشيعية في البحرين من تمييز واضطهاد.

وتظل المرأة البحرينية، عموما، أقل حظا من الرجل في الكثير من النواحي، أما المرأة الشيعية فيمارس ضدها التمييز مضاعفا، مرّة لكونها شيعية ومرّة لكونها امرأة.

ولعلله من الواجب العمل، بكل قوة، لجعل الإساءة للمواطن الشيعي، أو أي مواطن آخر، في البحرين، خطا أحمر.. بما ينهي المعادلة الراهنة التي تريد جعل الإساءة للشيعة واضطهادهم كشرب الماء.

ومن الجيد أن الخطاب السياسي المعارض مازال متمسكا بالوحدة الوطنية، والمساواة، ورفض الإساءة لجميع المواطنين بسبب خلفياتهم الدينية أو مواقفهم السياسية، أو نوعهم الجندري. ومن دون شك، فإنه يتوجب حماية حقوق النساء والأقليات، والتأكيد عليها، كما يتوجب حماية حقوق جميع المواطنين سنة أو شيعة، لكن ما يحدث أن النظام يستخدم بعض التعيينات لصالح نوع مختار من النساء، كأداة للعلاقات العامة الفاقعة، في محاولة مكشوفة للتغطية على الاضطهاد ضد الشيعة، والحالة المتردية في البلاد من ناحية الديمقراطية والشراكة السياسية.

المصدر: اضطهاد الشيعية.. وامتطاء حصان طروادة: النساء والأقليات

انشر وشارك

مقالات ذات صلة